عيد العراقيين

TT

في صبيحة كل عيد يمر شريط من الذكريات الحزينة وانا اتذكر اصدقائي العراقيين في اكثر من موقع وفي اكثر من بلد من بلاد الترحال والتشرد!! اتذكر الاحباء في شارع الرشيد وسط دخان سمك المسقوف في تلك المقاهي والمطاعم التي قضينا فيها زمنا جميلا، وتعود الذاكرة الى البصرة حيث ابو الخصيب والعشار والمقاهي المتناثرة امام النهر، والوان دشاديش الاطفال، وصيحات الباعة، واصوات موسىقى عراقية حزينة تضج في الشوارع والمدن الهادئة!! كان ذلك زمنا جميلا، زمن العراق البهي، والرؤوس المرفوعة، وصرخات النادل «تمّن ومرقة يابسة» واصوات المقامات و«الجالغي»، والشعور بالامن والاطمئنان وانت بين البسطاء تحس بانك واحد منهم!! آه يا زمن العراق الجميل!! المبدعون هاجروا الى مدن الصقيع الباردة، يكتبون للعراق وللناس وللامل، ويعيشون على امل بالعودة الى وطن يحترم كرامة الانسان. والسجناء والذين اختفوا لا تعرف عنهم شيئا، ولا تجرؤ امهاتم على مجرد السؤال عنهم. وآلاف من المعاقين بين حروب عدمية ضد ابناء جلدتهم من الاكراد، او ابناء جيرانهم من الايرانيين او ابناء عمومتهم من الكويتيين، وآلاف ممن قتلوا في حروب عدمية مجنونة من اجل تحقيق رغبات القائد في ان يكون قائدا!! يأتي العيد.. نحزن ونحن نرى العراق محاصرا بكل الوان الوحشة.. انهيار في المؤسسات وفي البنية الاجتماعية، وخوف يحاصر الناس من كلمة طائشة تقال، واجهزة تحكم الناس باعتبارهم متهمين، قبل ان يثبتوا العكس، واشقاء عرب يتباكون ضد ضرب العراق دون تفرقة بين شعب له الحق في التحرر، ونظام يضع هذا الشعب متاريس ورهائن يدافع بها عن نفسه، واشقاء عرب آخرون يؤيدون القاتل ويسكتون عن عذاب الضحايا.

قلبي على العراق.. اطفاله، وشيوخه وشبابه، من كركوك الى البصرة، ومن ارصفة لندن الى صقيع المنافي في كل القارات، الى شباب يموتون داخل سفن وقطارات وشاحنات وهم يبحثون عن مأوى لاطفالهم بعيدا عن الاضطهاد.

قلبي على العراقيين، ولكن الامل ما زال كبيرا بيوم جميل بهي يعيد الاخضرار الى الارض والبسمة الى وجوه الاطفال.