ليست مبادرة سعودية

TT

تصريحات الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف عن مبادرة الامير عبد الله بن عبد العزيز بشأن السلام في الشرق الأوسط، تمثل قمة العبث وتمثل محاولة التفاف فيها الكثير من التذاكي والقليل من الذكاء، فهو يطالب بزيارة يقوم بها الامير عبد الله الى القدس، وهو يعلن استعداده لزيارة الرياض للتباحث بشأن افكار ولي العهد السعودي.

ما سمي بالمبادرة السعودية هو نواة لمشروع عربي وليس مشروعا سعوديا، والسعودية ليست لديها اراض محتلة تتفاوض عليها، وليست لها علاقات مباشرة او غير مباشرة باسرائيل حتى يجتمع الطرفان، والامير عبد الله ـ والاسرائيليون يعلمون ذلك ـ سيزور القدس عندما يرفرف عليها علم فلسطين، وليس قدساً محتلة يعيث فيها الاسرائيليون فساداً.

واضح ان الاسرائيليين يخافون من السلام، وترتعد فرائصهم من اي مشروع جدي لصفقة تاريخية تتضمن الاعتراف بشعب فلسطين، وارض فلسطين، وتعيد الاراضي الفلسطينية والسورية الى اهلها، وتكون القدس عاصمة لدولة فلسطينية، ولذلك يحاولون تصوير الافكار السعودية وكأنها قضية خاصة بين اسرائيل والسعودية، وليست افكارا لعملية سلام واسعة وشاملة وتاريخية تحتاج الى قرارات اسرائيلية كبيرة بالتنازل عن العناد وعن الارض.

سياسة اسرائيل التفاوضية تقوم على التعامل مع اطراف مختلفة وليس مع طرف واحد، وباستثناء الصفقة الشاملة التي ابرمها انور السادات وانسحب فيها الاسرائيليون من سيناء، فإن اسرائيل لم تنسحب من جنوب لبنان إلا بالقوة، ولم تقدم للفلسطينيين سوى تنازلات طفيفة، وتستمر اسرائيل في احتلال كامل الاراضي الفلسطينية، وهي لا تتحدث ولا ترغب في بحث جدي مع سورية بشأن الجولان، ولذلك فإن رعب اسرائيل يكمن في ان افكار الامير عبد الله بن عبد العزيز تتحدث عن سلام شامل وكامل يتضمن انسحاباً كاملاً من كل الاراضي العربية وعدم التنازل عن القدس.

الامير عبد الله لن يزور القدس، والرئيس الاسرائيلي لن يكون محل ترحيب في الرياض، وهذا الكلام هو التفاف على الحقيقة، وليس امام اسرائيل سوى ان تصحو من سكرة المكابرة والعناد، وان تواجه الحقيقة كاملة، وعارية عن التذاكي.