حسب الطول والعرض

TT

طول القامة من الصفات المرغوبة عبر العصور ولا سيما في المنازعات القتالية. فغالبا ما ادى ذلك الى التغلب على القصار القامة، وهو ما حصل في الهند في سابق الزمن. ولكن هذه الميزة تلاشت في الحروب الحديثة. الواقع ان الطوال اصبحوا اكثر عرضة للرصاص من القصار. وبهذا التطور انتقلت الميزة من سوح القتال الى سوح المسارح والسينما. الطويل يرى كامل الشاشة او المسرح والقصير لا يستطيع ان يرى غير ما يسمح له منها الطوال، ولا سيما عندما يرتدون طاقية او قبعة. اقتضت التقاليد في الغرب بأن يكون للرجل القصير الحق في ان يقول للسيدة الطويلة الجالسة امامه، «مدام، اذا تسمحين تنزعين قبعتك لأرى الشاشة». وهي وسيلة ياما استعملها البعض للتحرش بأي حسناء حتى اذا لم تكن عليها اي قبعة. تجيبه فتقول، «آسفة هذا شعري وليس قبعة». وعندئذ تسنح له الفرصة ليثني على غزارة شعرها.

وقعت بمثل هذا الموقف في بغداد، ولكنه كان موقفا اليما. كان امامي رجل يلبس طاقية عالية حجبت عني شاشة السينما، فالتمست منه ان ينزعها. كان رجلا ودودا ولكنه بدلا من نزعها، خفض جسمه على المقعد بحيث اعطاني مجالا اكثر للنظر دون ان تنحل المشكلة. فكررت طلبي اليه. وكرر العملية بتخفيض جسمه حتى اصبح اقرب الى الاضطجاع منه الى الجلوس، مفضلا ذلك على خلع الطاقية (العرقجين). ومع ذلك بقبت المشكلة فاضطرتني ان اقول له «يا اخي ليش تتعب نفسك وتنزل جسمك ورأسك بدل ما تنزع العرقجين وتريحني وتريح نفسك».

لم يبق للرجل غير ان يلبي طلبي. نزع الطاقية. واذا برأسه قطعة من القرع والدمامل الملتهبة المقرفة.

قلما التقيت برجل على تلك الطيبة وكرم المحتد. لم استطع حتى الاعتذار له واتباع ما قاله بورقيبة رحمه الله لامرأة قبيحة اثناء حملة النقاب. «لا! معلهش. انت احتفظي بالنقاب!» مشكلة القصار وراء الطوال في المسارح والسينمات مشكلة تتطلب التدخل من الامم المتحدة لضمها الى وثيقة حقوق الانسان بحيث تضمن الدولة لقصير القامة مشاهدة العروض السينمائية والمسرحية، او اعادة ثمن التذكرة اليه. ربما ينبغي تخصيص حفلات خاصة للقصار لا يجوز للطوال ان يدخوا فيها.

وحتى يتم ذلك وجدت بعض الحلول للقصار من امثال صديقنا عزيز الحاج. اول هذه الحلول هو ان تبادر لأكل كمية كافية من الثوم والبصل. حالما تجد رجلا طويلا يجلس امامك، قرب وجهك منه وانفخ انفاسك نحوه. لن تمر دقائق قليلة حتى تجده يغير مقعده بعيدا عنك، او يسرع الى الحمام ليستفرغ، وربما الى الاسعافات الاولية لانعاشه. يبقى المقعد امامك خاليا فتستمتع بالعرض.

واذا كانت الحكومة قد اممت الثوم والبصل فتعذر الحصول عليهما، او نسيت ان تأكلهما، فما عليك غير ان تكثر من العطاس والسعال باتجاه الرجل. سيتصور انك مصاب بالسل او ذات الرئة او الانفلونزة الاسيوية، فيقوم ويهرب من امامك.

الحل الآخر هو ان تأتي معك بوسادة هوائية. حالما يجلس عملاق امامك، بادر الى نفخ الوسادة بفمك او بمنفاخ كفوء خاص ثم ضعها تحتك واجلس عليها لتصبح اعلى من العملاق الجالس امامك. ولكن عليك هنا ان تحرسها وتحذر من الجالس وراءك. فقد يبادر الى استعمال دبوس او ابرة يثقب بها الوسادة فلا تجد نفسك الا وقد انخفض مستوى نظرك الى اسوأ مما كان عليه.

وهذه كلها اقتراحات وقتية الى ان تبادر الامم المتحدة او الجامعة العربية لوضع قواعد لجلوس القصار والطوال في المحلات العامة.