إنجازات في «قمة الفقر»

TT

لأولئك الذين اعتادوا عقم المؤتمرات الدولية، بإمكانهم اليوم إضافة مؤتمر آخر خيمت خطابيات العلاقات العامة على مداولاته هو «قمة مكافحة الفقر» المختتمة في مونتيراي بالمكسيك. فالبيان الختامي جاء كما توقع المشككون المجرِّبون تفاهماً فضفاضاً مفعماً بالوعود والعموميات من دون اي ضمانات بتطبيقها. ولعل احد اطرف الوعود الوعد بتقليص عدد فقراء العالم الى النصف في غضون 14 سنة. هنا لاحظوا ان المهلة هي 14 سنة، لا 15 ولا 13، وطبعاً ليست الـ10 سنوات المعتادة.

على صعيد المنجزات العملية لا يخالجن احد الشك بأن القمة انتهت مخيبة للآمال، ولكن ربما تكون قد افادت الى حد ما في تكثيف الحوار الدولي حول مفهوم الاعانات اللازمة للدول الفقيرة. ولدى «جرد» الخطب الـ58 التي القاها القادة الاقطاب تشكلت اربعة اتجاهات:

الاتجاه الاول عبر عنه الرئيس الاميركي جورج بوش الذي اعلن استعداد بلاده لزيادة حجم الاعانات الخارجية للدول الفقيرة بـ5 مليارات دولار، غير انه ربط الاعانات بشروط اقل ما يقال فيها انها شبه تعجيزية، اذ انه اشترط قبل تقديم اي فلس لأي دولة فقيرة اعتمادها الديمقراطية، وتحلي حكومتها بالنظافة والنزاهة، وانتهاجها الاقتصاد الحر.

والاتجاه الثاني تبلور في دعوة هوغو شافيز، رئيس فنزويلا، الى اعلان «حالة طوارئ عالمية اجتماعية» تقدم بموجبها الدول الغنية للدول الفقيرة اعانات غير مشروطة، بحجة انه في «حالات الطوارئ» لا يسأل المرء عن الهوية السياسية للمصاب.

والاتجاه الثالث تجلى في موقف عبد الله واد، رئيس السنغال، الذي اعتبر ان الاعانات مطلوبة لكن يجب ان تكون تحفيزاً اولياً لتنشيط اقتصادات دول فقيرة سائرة فعلياً في الاتجاه الصحيح، ومساعدتها على تحسين أدائها.

واخيراً، عبر عن الاتجاه الرابع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، متكلماً باسم الاتحاد الاوروبي، وخلاصته ان على الدول الغنية تقديم تحت النصف في المائة من مواردها السنوية للدول الفقيرة بلا شروط، رغم ان هذا التوجه المعمول به حالياً ثبت فشله.

في ضوء ما تقدم ذكره، يمكن القول ان «قمة الفقر» في مونتيراي، قد تكون بداية لمناقشات تأخرت كثيراً حول الاعانات الدولية. والمناقشة الحرة بحد ذاتها امر طيب يستحق التشجيع، لأن تجاهل حتى البحث، في ازمة الفقر، سيفاقم الازمة ويحولها بسرعة الى «حالة مستعصية».