الشعراء في إخوانياتهم

TT

كانت المجالس النيابية ونوابها ميدانا خصبا لسخرية الشعراء وتقليعات الظرفاء. اعتدنا على تسمية النواب بالنوائب. الأدب العربي الحديث مليء بالقصائد والمقالات الساخرة في هذا الشأن. كان ذلك ما قاله الشاعر العراقي حسين بستانة، وهو أديب وشاعر مقل ولكنه تميز بروح نكتة نادرة وترك اشعارا في منتهى الظرافة. تولى عدة مناصب تعليمية وادارية انتهت به اخيرا بوظيفة «كاتب ضبط» في المجلس النيابي لفترة غير قصيرة. وقد عانى منها الكثير بسبب ما كان يعانيه النواب من الضعف اللغوي، وفي كثير من الاحيان تكلمهم بلهجاتهم الشعبية المحلية المختلفة. القى ذلك على كاهله مهمة عسيرة في تحويل كلامهم الافلج الى نصوص عربية سليمة بدون المس بمحتوى وفحوى ما يقولونه.

زاره في تلك الاونة صديقه الأديب والكاتب عبد الرزاق الهلالي فسمع منه الكثير مما كان يعانيه. سأله صديقه عما كان قد اوحى له كل ذلك بشيء من الشعر. فقال له، نعم، وكيف لا. وكانت النتيجة قصيدة ظريفة من الرجز، تخللها الكثير من اللهجة العامية. قال فيها:

قال «حسين» احقر الكتاب من بعد ما استنأس بالشراب لا أحمد الله الذي ابتلاني وظيفة من «اطقع» الأماني اصحح الألفاظ والأغلاطا في كلمات تشبه (الضراطا) لنائب يلحن بالخطاب وهو خطيب مجلس النواب فان حكى شيئا عن التموين لا يطرق الموضوع بالتعيين فتارة يحكي عن الوزارة وتارة يحكي عن الزيارة في كل عضو عنده لسان يحكي به ان خانه البيان

***** ونائب قد لزم الحقيقة عكازة ترشده طريقه يكثر من تكرارها في الخطبة حتى يصبح الشيخ «جر الجبة» يظن ان قيمة الكلام بقيمة البزة والهندام وانهم سيسمعوا كلامه لأنه الزعيم بالعلامة وانه الفارس في الميدان وان يكن من احقر «المعدان»

****** ونائب يخطب بالعصاية واليد واليشماغ والعباية يقول «حنه نعل الحكومة» فهي أبونا وأمنا الحنونة عن (تنكات) الدهن والفاصونة وريس المحطة يفصلونه

******* ونائب يحسب في الكتاب وانه يكتب في «الشهاب» أول ما يستفتح الكلاما يستعرض التاريخ والأسلاما كان فلان هكذا يقول وانما هذا هو المعقول تعطفه الغمزة والاشارة اذ اتت من جانب الوزارة فيصرف القول الى النفاق ويبسط اليدين للعناق