كلفة الحرب التجارية

TT

خلال التسعينات حقق الغرب، بصفة عامة والولايات المتحدة على وجه الخصوص، الاستفادة المفروضة من مبدأ تحرير التجارة للانسانية جمعاء. وقيل للعالم آنذاك ان الطريقة الوحيدة لاخراج الدول الفقيرة من بؤسها هي ادخالها في السوق العالمية التي تنظمها المنافسة الحرة.

وتم انشاء منظمة التجارة العالمية للاشراف على بناء النظام الاقتصادي العالمي الجديد والاشراف على تطبيق قواعد اللعبة.

وبعد عقد من الزمان، نشهد في الوقت الراهن ما يبدو انه حرب اقتصادية بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، في الوقت الذي تستخدم فيه منظمة التجارة العالمية كحلبة لتبادل الاتهامات بين القوى الاقتصادية الاساسية.

وفي الوقت ذاته لا توجد اية ادلة على ان الاسواق الغنية ستفتح ابوابها امام منتجات وخدمات قادمة من الدول الفقيرة النامية. فقد انتهى اجتماع عقد اخيرا لوزراء المالية والاقتصاد للدول الصناعية السبع بدون التوصل الى شيء محدد فيما عدا تعهدات غامضة بدعم برنامج جديد للتنمية الافريقية.

وفي الوقت الذي اظهرت فيه الاقتصاديات الغربية، ولا سيما في الولايات المتحدة، معدلات نمو غير متوقعة، فإن الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها ادارة بوش، بفرض تعريفات جمركية عالية على واردات الصلب، تهدف بوضوح الى ارضاء الناخبين في ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا، وهما من بين الولايات التي لم تعط اصواتها للرئيس بوش في انتخابات الرئاسة عام 2000.

غير ان قرار الاتحاد الاوروبي بفرض تعريفات مضادة على الصلب القادم من الدول الشيوعية السابقة يبدو اقل فهما.

مثل هذه التحركات لا يمكن ان تؤدي الا الى خلق مناخ من الحماية التي بدورها لا بد ان تضر بالمصالح الكبرى للسوق العالمية. وفي هذه العملية لا بد ان تتحمل الدول الفقيرة العبء الاكبر من تكلفة الحرب التجارية الحالية.

ان مشكلة الآليات التي تستخدمها منظمة التجارة العالمية لاجراءات التحكيم في النزاعات إما بطيئة او مزعجة. فربما تحتاج الى شهور، اذا لم يكن سنوات، لحل نزاع ما. وفي الوقت ذاته فإن الاجراءات، غير العادلة، التي تتخذها هذه الدولة او تلك، يظل معمولا بها، وتلحق الضرر بالاقتصاد العالمي.

ربما حان الوقت لاعادة النظر في الطريقة التي تعمل بها منظمة التجارة العالمية، ولا سيما فيما يتعلق بالتحكيم في النزاعات. فلا بد من تبسيط الاجراءات والتسريع بعملية اتخاذ القرارات. ويجب على منظمة التجارة العالمية ان تكون قادرة على التدخل قبل وقوع الاضرار وليس بعدها.