الحياد المستحيل

TT

صورة واحدة لرجل صيني اعزل وقف امام رتل دبابات اختصرت «ربيع بكين» وحصلت على جوائز عالمية، وهلل لها «العالم الحر» واطنب في إغداق النعوت عليها. اما السبب فالتفاوت الصارخ بين الانسانية ممثلة بإنسان بسيط متوجه الى بيته حاملاً الى عياله كيساً فيه بضع ثمرات فاكهة، وآلة قتل صماء جبارة عديمة الاحساس وعديمة الرحمة.

صور عديدة مشابهة لصورة دبابات ساحة تيان آن مين، تتكرّر اليوم في شوارع رام الله وبيت لحم وقلقيلية وطولكرم وغيرها من المدن الفلسطينية، لكن الفارق المأساوي هو ان سير المدنيين في هذه الشوارع بات محظوراً بفعل نيران القنّاصة وهليكوبترات الأباتشي.

هل هناك توازن؟

هل هناك تكافؤ؟

حسب الرئيس الاميركي جورج بوش... نعم، هناك توازن وتكافؤ، وبالتالي التبرير الكافي لوقوف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي بينما يفتك الجزّار بالضحايا.

الرئيس بوش وكبار معاونيه من وزراء وغير وزراء انشغلوا هذا الاسبوع بتوزيع النصائح والتحذيرات بـ«العدل والقسطاس»، في غياب العدل والقسطاس. الجريئون من الإعلاميين الغربيين يصفون موقف ادارة بوش بـ«الوقوف على السياج» مع ان البلدوزرات الاسرائيلية جرفت كل سياج ودمرت كل جدار وانتهكت كل حرمة.

ان احداً لا يطالب الادارة الاميركية بما هو فوق طاقتها، غير انه من الناحيتين السياسية والاخلاقية لا تستطيع هذه الادارة ان تزعم انها محايدة عندما يكون هناك ذابح ومذبوح، ومهاجم ومختبئ، آلاف الدبابات الزاحفة في كل اتجاه رداً على فرد ساوى ذل الاحتلال والقهر عنده الحياة بالموت.

في حالة كحالة المجازر التي ترتكبها قوات الغزو والاحتلال الاسرائيلية داخل الاراضي المعاد احتلالها لم يعد هناك اي معنى للوقوف على سياج... ساقط.

ان ما تسطره قوات الغزو والاحتلال الاسرائيلية في هذه اللحظات لأكثر بكثير من وثائق إدانة لسياسة إسرائيلية عنصرية وفاشية. انه مع مزيد الاسف «صك» تفويض كامل من الادارة الاميركية لأرييل شارون وزبانيته بتصفية اي نظرة ايجابية في الشارعين العربي والاسلامي الى الولايات المتحدة، مفاهيم وثقافة ودولة ومصالح، وبالتالي لمصداقية السياسة الاميركية، ومعها مصداقية اي رعاية منها لأي تحرك متعلق بالعالمين العربي والاسلامي. ولعل ما خرج به ملتقى دول منظمة المؤتمر الاسلامي في العاصمة الماليزية كوالا لمبور، يوم أمس، مجرد تعبير بسيط عما يضج به ضمير كل عربي وكل مسلم اليوم على امتداد العالم.