تحرك عراقي متأخر... ولكن مفيد

TT

«التأخر افضل من لا شيء» عبارة تتبادر للذهن عندما نتذكر موافقة العراق على تقديم ضمانات مكتوبة بعدم مهاجمة الكويت مرة اخرى. والواقع ان العرب طلبوا هذا الضمان قبل عام، خلال قمة عمان، وعرضوا على العراقيين مجموعة من «الحوافز» مقابله.

وتشمل هذه الحوافز تحركا عربيا مشتركا في الامم المتحدة لالغاء الحظر الاقتصادي ضد العراق، وتطبيع سريع للعلاقات مع بغداد.

وبعد عام، قبل العراق ما كان مطلوبا منه قبل عام. ولكن الذي حصل عليه مقابل ذلك لا يقارن بما كان معروضا عليه في عمان. لقد اصدر البيان الختامي لمؤتمر القمة عبارات غامضة تعارض العمل العسكري ضد العراق. كما تم تبادل مصافحات دبلوماسية من بينها مصافحة بين عزة ابراهيم الرجل الثاني في النظام العراقي، ونائب رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الاحمد.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو لماذا قررت بغداد ان تقدم الان ما كانت ترفضه قبل عام؟

الاجابة عن هذا السؤال هي تصميم واشنطن الواضح على اتخاذ تحركات ضد الرئيس العراقي صدام حسين. فقبل عام كان صدام حسين متأكدا من ان الولايات المتحدة لن تتحرك ضده. ولذا كان في امكانه استمرار التحدي. وكما كان الامر طوال ثلاثة عقود من السيطرة في العراق، فإن صدام حسين على استعداد للتخلي عن هدف استراتيجي مقابل ميزة تكتيكية.

وما اذا كان من الممكن النظر الى «التعهد المكتوب» للعراق نظرة جدية ام لا، فهو امر يرجع للتكهنات. لقد وقع العراق بالفعل العديد من مثل هذه التعهدات مع الكويت، بما فيها سلسلة من الوثائق في عام 1963. غير ان ذلك لم يمنع الدبابات العراقية من دخول الكويت في 1990.

وسيحتاج الامر الى وقت طويل لاقناع اي شخص بأن صدام حسين قد غير طبيعته. فمنذ توليه السلطة في بغداد في السبعينات، فإنه قاد العراق الى نزاعات مع تركيا وسورية والاردن وحرب شاملة مع ايران استمرت لمدة ثماني سنوات، وغزو الكويت، بالاضافة الى التوغل في الاراضي السعودية لفترة بسيطة. ويجب ان نضيف الى هذا السجل حربين منفصلتين ضد الاكراد استخدمت فيهما الاسلحة الكيماوية ضد المدنيين.

وبالرغم من ذلك فلا بد من الترحيب بتحرك العراق الاخير باعتباره فرصة لاختبار النية الحسنة لقيادة بغداد. ان ابلد تلميذ لا بد ان يتعلم درسا من التاريخ. واذا امكن إبعاد العراق عن مسيرة الحرب وتوجيهه نحو مسيرة السلام بدون نزاع مسلح جديد، فإنه جهد يستحق الاهتمام.