ما وراء الستار في قمة بيروت (2 ـ 3)

TT

خلافا لما نردده دائما من ان القمم العربية عقيمة سياسيا فانها في بيروت أثبتت خصوبتها في مناخ كان معاديا لكل اتصال.

من كان يتصور ان مبادرة الامير عبد الله ستمضي قدما ويوقعها الجميع بلا استثناء خاصة ان الثماني والاربعين ساعة التي سبقت الختام شهدت انتكاستين خطيرتين. الاولى عندما ثبت ان نحو نصف الزعماء قرروا التغيب عن القمة وسرت شائعة تقول انه لا بد من قمة استثنائية، على اعتبار ان هذه قمة مجدولة، حتى يمكن احتضان المبادرة. والانتكاسة الثانية وقعت بعد ان لاح فشل الوساطات والمساعي العربية والدولية باخراج الرئيس عرفات من سجنه في بيته في رام الله. فرئيس الوزراء الاسرائيلي قرر ان يحضر المؤتمر على طريقته من خلال اهانة العرب بمنع عرفات.

سألت احد السياسيين السعوديين في الدور الثامن عشر في فندق فينيسيا، انهم يقولون، ان عقد المؤتمر في غياب ابو عمار القسري هو خضوع لشارون الذي اراد حرمان القيادة الفلسطينية من حقها المشروع كسلطة سياسية.

رد المسؤول قائلا أليس عقد القمة هو تحد لشارون. تخيل لو قررنا العودة الليلة وحزم كل وفد امتعته.. ماذا سيقول العالم؟ لقد نجح شارون في الغاء قمة عربية. سيقولون ايضا ان اسرائيل صارت تقرر متى نجتمع. قطعا لن نكون رهائن لشارون فهو لا يريد فقط منع عرفات من مغادرة بيته بل يريد تخريب المبادرة. فقد كانت كابوسا حقيقيا ألم به خاصة انه اعلن صراحة قبل سنة عن عزمه على تخريب اتفاق اوسلو، رغم ان «اوسلو» كان اتفاقا هينا لا يقارن بمسألة عودة اسرائيل الى حدود الرابع من يونيو 1967.

والحقيقة وقعت مفاجآت في داخل كواليس اللقاءات الجانبية. فكلمة الامير عبد الله كانت قطعا هي الاهم لانه من خلالها سيعلن او لا يعلن مبادرته رسميا.

وفي الليلة التي سبقت الافتتاح سمعت عن محاولات لتخفيف لغة الخطاب خاصة في واحد من اهم بنود المبادرة اي عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم. فالامير يريدها صريحة بانها حق شرعي لكل فلسطيني والوسطاء العرب في تلك الليلة يريدون تركها كعبارة مرنة حتى لا تعطي الاسرائيليين ذريعة لرفض كل المبادرة.

اقترحوا ادخال احدى العبارتين «حل عادل» او «تسوية» لقضية اللاجئين. وعندما سألت اين انتهت المفاوضات خاصة ان الوسطاء هم «اصحاب العلاقة» قيل لي ستفاجأ غدا. وفي الغد احتفظ الامير بموقفه حول عودة اللاجئين في خطابه وترك صياغة الموقف العربي للعرب عندما تحولت مبادرته الى مبادرتهم، اي مبادرة العرب جميعا. فظهر بيان القمة اكثر «مرونة» من خطاب ولي العهد السعودي. يجب ان نتذكر ان الجميع وقعوا موافقين على المبادرة بما فيهم صقور العرب تتقدمهم بغداد، بعد ان ظن الكثيرون ان القمة والمبادرة فشلتا.. الوفد العراقي كان اهم اسرار القمة.

للحديث بقية..