المرحلة تتطلب القرار العربي المناسب

TT

علّمنا التاريخ القريب أن إسرائيل تصرّ دائماً على حل مشاكلها باستخدام القوة، وتعتبرها الوسيلة الأكثر نجاحاً لمواجهة الأزمات التي تواجهها. وهي لا تعبأ بكل قواعد القوانين الدولية أو الأعراف الديبلوماسية، فهناك دائماً «فيتو» رهن الطلب، وقد استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية لصالح إسرائيل في كل المرات التي كان يتم فيها التصويت في مجلس الأمن لإدانتها، وكأنه (الفيتو) قد فصّل خصيصاً على مقاس الجرائم والمخالفات التي ترتكبها إسرائيل بحق العرب.

وقد تصاعدت إسرائيل في عدوانها في العقود الماضية، بعد أن لمست انعدام وجود ردود أفعال حيال ما تقترفه من جرائم، خاصة عقب زيارة السادات للكنيست وإبرامه اتفاقات كبّلت أكبر دولة عربية من التحرك الذي اعتدناه منها دائماً في مواجهة نزعات إسرائيل العدوانية.

ومن المؤكد ان القادة العرب الذين يجتمعون غدا في قمة القاهرة لا يحتاجون إلى التذكير بالعجز العربي الذي بات واضحاً في مواقف كثيرة مارست فيها إسرائيل غطرستها عسكرياً وسياسياً، فالقائمة طويلة ومخجلة. ومن هنا فإن بيانات الإدانة والشجب، ودعوة أمريكا لممارسة الضغط على إسرائيل.. إلخ.. إلخ.. كل ذلك لن يجدي نفعاً في التعامل مع إسرائيل في هذه المرحلة، هذا إلى جانب أن بيانات الإدانة والشجب قد تكررت كثيراً في مؤتمرات القمة السابقة ولم يكن لها أي تأثير يذكر.

لقد بات واضحا أن انفلات إسرائيل وعدم اكتراثها بمشاعر العرب والمسلمين، بلغا حدا أصبحت معه تحتل عواصم عربية برمتها، وتقتل أبناءها بغارات يومية مستخدمة فيها كل الأسلحة، والبعض منها محرّم دولياً، وهي إنما تفعل ذلك ـ كما بات متصوراً ـ لأننا لا نملك الوسائل الكفيلة بردعها.

والحقيقة هي اننا لا تنقصنا الوسائل، ولا تنقصنا الإمكانات المادية، إنما ما ينقصنا فعلاً هو القرار الحاسم الذي يستند في مرجعيته إلى «قوة الإرادة» الجماعية في مواجهتنا لإسرائيل، وكما قال أحد المسؤولين عن الأمن القومي في مصر: مهما قيل عن «القوة الإسرائيلية» التي يراها البعض تتراوح بين «القوة التقليدية» و«القدرة النووية»، فإن قوة الإرادة التي لا تعرف التردد لممارسة الرد هي الأمر الحاسم لمواجهة هذه القوة العدوانية.

وأضاف:ليس المهم في الردع الوسيلة المستخدمة، فالأهم هو النتيجة التدميرية التي تحدث نتيجة لاستخدام «الرادع»، فالتدمير يمكن أن يحدث باستخدام السلاح النووي، أو أي سلاح آخر، يمكّن «الرادع» الأقل تأثيراً، من ردع «الرادع» الأكبر تأثيراً. إذا كانت هناك عزيمة على استخدامه، فالعزيمة الصادقة تعوض النقص في حجم التدمير، فقد تصدّت فيتنام التقليدية للولايات المتحدة النووية، وتصدّت الأرجنتين التقليدية لبريطانيا النووية، وتصدّت أفغانستان التقليدية لقوات الاتحاد السوفييتي النووية.

ومن المؤكد اننا لسنا في حاجة الى تذكير القمة العربية كيف تصدّت فصائل المقاومة اللبنانية، وأطفال الحجارة، وانتفاضة الأقصى، للقوة النووية والأسلحة المحرمة التي استخدمتها وتستخدمها اسرائيل، وسوف تواصل استخدامها إذا لم تتخذ قمة القاهرة غدا القرار المناسب.