ذو الرمة وكيت وينسليت

TT

أحدث انجازات كيت وينسليت سينمائياً فيلم «اينجما» Enigma الذي سيرى النور مطلع العام المقبل، وهو من حكايات الحرب العالمية الثانية ومأخوذ عن رواية لروبرت هاريس.

وبطلة فيلم «تايتانيك» ليست مشغولة هذه الأيام بالأفلام ولن تدخل الاستديو قبل عام على الأقل فعندها ما يشغلها، وما هو أهم من البطولات السينمائية والسينمائيين، فقد أنجبت كيت هذا الأسبوع طفلتها الأولى والأرض لا تسعها طبعاً من الفرح. فالممثلات يحببن البنات إلى درجة التضحية بالمجد الفني إذا اقتضى الأمر، كما حصل قبلها مع مادونا التي كانت لورديس أول كائن تضحي من أجله.

والظاهر في حالة كيت ان الظروف لن تقتضي منها الغياب طويلاً عن الأضواء، فهي تجهز نفسها لاستراحة سبعة اشهر تقضيها بجانب الطفلة وبعدها لكل حادث حديث.

وقد اختارت كيت وينسليت لطفلتها اسماً قريباً من الاسماء العربية، فأطلقت عليها اسماً جاهلياً هو «ميا». وكان هذا الاسم قد اشتهر بالعربية منذ النابغة الذبياني الذي تغزل بمية في معلقته الذائعة التي مطلعها «يا دار مية، بالعلياء، فالسند...»، لكن الترسيخ الحقيقي لذلك الاسم في التراث العربي جاء عن طريق الشاعر ذي الرمة الذي ما كان يكتفي بوضع اسم مي في البيت مرة واحدة بل كثيراً ما كان يكرره مرتين في البيت الواحد ويذكره صدراً وعجزاً اعجاباً بذلك الاسم الجميل، وهذه العادة لم يغيرها هذا الشاعر حتى في أعلى حالات الخصام مع من يحب:

أيا مي قد أشمت بي ويحك العدا وقطعت حبلاً كان يا مي باقيا ومن أجمل غزليات ذي الرمة بمية، زيارته لمضاربها بعد ان رحلت عنها، حيث أنطقه الحزن بقصيدة قل ان يجود الزمان بمثلها على صعيد التفاعل بين الجامد والمتحرك:

وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت ابكي عنده واخاطبه واسقيه حتى كاد مما ابثه تكلمني احجاره وملاعبه ولا يستغرب هذا الموقف من ذي الرمه فحبه لمي كان من النوع الذي لا يعترف بالمسافات، ولا بمواقف الشعراء التافهين الذين يقدمون نصائح تصلح للسماسرة والتجار وليس للعاشقين كأحدهم الذي قال:

إذا ما شئت ان تسلو حبيباً فأكثر دونه عد الليالي وما كان ذو الرمة يريد سلوان مي، لأنه ليس هناك ما هو أجمل من حالة حب صافية تملأ على الإنسان حياته، بغض النظر عن حضور الحبيب أو غيابه، لذا رفض الاعتراف بحقيقة ان النأي يغير من عواطف العاشق، ونظم عن ذلك قصيدة كاملة أبرز ابياتها توضيحاً لهذا الغرض قوله:

إذا غير النأي المحبين لم أجد رسيس الهوى من حب مية يبرح وقطعاً لم تسمع كيت وينسليت بكل هذا الشعر، ولا بالنابغة، أو ذي الرمة، ولم تعرف ان واحداً من كل خمسة بيوت في العالم العربي به اسم ميا وريا، فأصحاب الذوق المرهف يختارونه كثيراً في بلادنا. أما في بلاد الإنجليز، فتقول وينسليت عن اختيارها ان اسم ابنتها (ميا) مأخوذ من كلمة ايطالية تعني «انها لي» وبالمصري الفصيح «بتاعتي».

واب البنت، زوج كيت، التي صارت اسطورة بعد «تايتانيك» وهي في عشريناتها، مساعد مخرج اسمه جيم تربلتون، قابلته وينسليت في المغرب اثناء تصوير فيلم «هيدوس كينكي» ولم ينجح ذلك الفيلم، لكن الممثلة خرجت منه بزواج أثمر طفلة حملت ذلك الاسم الجميل الذي يحبه العرب، ويستخدمه الطليان، وقريباً، وبفضل بطلة «تايتانيك»، يبدأ شيوعه في بلاد الساكسون.