خطاب مفتوح للقمة العربية: ثلاثة إنجازات تتطلع الأمة لتحقيقها

TT

السادة الكرام ملوك ورؤساء الدول العربية حفظهم الله السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد..

مجرد انعقاد مؤتمر القمة العربية بعد انقطاع طويل بارقة أمل في السماء القومي العربي. ولكن تتساءل الشعوب هل تكون قمة مظهر أم تحقق المأمول فتكون قمة مظهر ومخبر؟

بأية مقاييس تحقق القمة المأمول فيها؟

هنالك ثلاثة انجازات تتطلع الامة العربية لتحقيقها في هذه الظروف التاريخية الحرجة:

اولا: ان يسترد النظام العربي كحد ادنى من التضامن القومي عافيته فيقوم نظام عربي يقوم بدوره القومي والاقليمي في ظل الشرعية الدولية وامام تحديات العولمة.

ثانيا: ان تفلح القمة في ترتيب اولويات الاهتمام العربي بحيث تتجاوز همومها ومشاكلها العربية/ عربية لتركز على الاولويات القومية.

ثالثا: ان توفق القمة في جواب قومي صحيح على الازمة الراهنة التي فجرها العدوان الاسرائيلي وتصدت لها انتفاضة الاقصى.

هذه القمة لن تستطيع تحقيق المهام الثلاث في دورة واحدة، لذا ينتظر ان تركز هذه القمة على المهمة الثالثة فإن نجحت في ذلك فإن نجاحها نفسه سوف يمهد للتصدي للمهمتين الأخريين.

لتناول المهمة الثالثة ـ مهمة التصدي للأزمة الراهنة ـ هنالك 4 محاذير يرجى اجتنابها هي:

اولا: الامتناع عن دق طبول الحرب، فالميزان العسكري الاقليمي والدولي الآن لصالح الجانب الآخر، والاحتكام للقتال هو منازلة للعدو في ميدانه الذي هو فيه اكثر استعدادا.

ثانيا: يرجى تجنب التلويح بسلاح النفط، لانه سلاح يحتاج لدرجة من الانضباط غير متوافرة الآن، كما انه يستعدي قطاعا من شعوب البلدان الآثمة حكوماتها، وهو قطاع يرجى ان يستميله الخطاب العربي بقوة المنطق. كذلك تغيرت الاحوال، بحيث زادت نسبة انتاج البترول خارج دول الأوبك وتكونت احتياطيات لمواجهة النقص.

ثالثا: يجب التخلي عن امكان تحقيق سلام عادل فوري فالإرادة الرسمية والشعبية الاسرائيلية غير مستعدة الآن لسلام عادل والدول والشعوب العربية غير مستعدة للاستسلام باسم السلام.

رابعا: ينبغي الاعتراف انه حتى اشعار آخر فإن طبيعة العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، تجعل امريكا الراغبة بالوساطة لنزع فتيل النزاع في الشرق الأوسط غير مستعدة لوساطة محايدة، فضلا عن الدور المطلوب منها وهو الوقوف بالقوة الى جانب قرارات الشرعية الدولية.

اذا اتفق على هذه الحقائق فإن هنالك 7 مواقف ممكنة هي:

اولا: ان تقر الأمة العربية مبدأ السلام العادل كهدف استراتيجي، وان تقيده بشرط لا حياد عنه، وهو ان يكون السلام شاملا ومؤسسا على قرارات الشرعية الدولية وإلا فلا.

ثانيا: الاتفاق على حد ادنى من المقاطعة لإسرائيل يلتزم به الجميع ولا ينتهي الا بقيامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

ثالثا: اعتماد الشعوب العربية ومؤسسات المجتمع المدني رقما مهما في عملية السلام وهي ستعبر عن مواقفها بقوة وتفرض على الطرف الآخر اعتبارها في ما يقبل وفي ما يرفض.

رابعا: تأكيد الرفض العربي للإرهاب والتمييز الواضح بين الارهاب وحركة التحرير والمقاومة المشروعة للاحتلال.

خامسا: تكوين صندوق عربي لدعم الصمود الفلسطيني في كل مجالاته وتوجيه النداء للشعب الفلسطيني لتجاوز خلافات المرحلة الماضية واتخاذ ميثاق وهيكل لمواجهة المرحلة الجديدة.

سادسا: تأكيد ان قضية القدس قضية اسلامية ومسيحية بالاضافة الى كونها قضية فلسطينية وعربية وتعبئة كل اصحاب الشأن في سبيل المطالبة بالحقوق المشروعة.

سابعا: تنشيط الدور الدولي للدفاع عن الحقوق المقررة بواسطة مجلس الأمن والجمعية العمومية ودور المنظمات الاقليمية والاوروبية والآسيوية والافريقية والامريكية الجنوبية.

الوارد في العلاقات العربية الاسرائيلية حاليا هو على احسن الاحتمالات سلام بارد او حرب باردة.

السلام البارد يمكن ان يقوم على انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة مع ترك الامور التي لا يمكن حسمها الآن كالقدس واللاجئين معلقة الى ان تأتي ظروف يمكن فيها لاسرائيل ان تقبل الحقائق الآتية:

اولا: الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني قد ظلم ويستحق التعويض واسترداد الحق الضائع.

ثانيا: ان اسرائيل هي دولة عادية بلا امتداد صهيوني ولا دور دولي.

ثالثا: ان اسرائيل بلد متعدد الاديان والقوميات والثقافات مثلما الوطن العربي المجاور وان الوطن العربي واسرائيل كلاهما يلتزم بحقوق الانسان، وبالشرعية الدولية.

هذه الحقائق سوف تفرض نفسها بموجب حركة التاريخ ووعي الشعوب، وصحوة الاسرة الدولية. والى حين حدوث ذلك يمكن التطلع لسلام بارد. وان تعذر فحرب باردة حتى تفرض العناية وحركة التاريخ السلام العادل مثلما حدث قبل ذلك في جنوب افريقيا.