ماذا ينبغي لباول أن يلقي على أسماع شارون؟

TT

كثيرا ما وصف كولن باول، وزير الخارجية الاميركي، بانه «جندي مفكر». وقد ظل «مبدأ باول»، النظرية العسكرية التي سميت باسمه، موضوعا لجدل واسع وخلافات محتدمة لاكثر من عقد من الزمان. والامر الهام هنا هو ان باول يتفهم حقيقتين اساسيتين في مجال السياسة; الاولى هي ان الحرب وسيلة لغاية، وليست غاية في حد ذاتها. وان النصر العسكري لا قيمة له اذا لم يترجم الى النتائج السياسية المبتغاة.

والحقيقة الثانية هي انه من السهل ان تتدخل عسكريا ولكن ليس من السهل ان تضع حدا للتدخل العسكري او تحقق نتائجه. فقد تدخل الاميركيون في حرب كانت اوروبية عام 1941، ولكنهم بقوا هناك اكثر من نصف قرن. والولايات المتحدة هي التي قادت معركة تحرير الكويت قبل عقد مضى، وهي ما تزال متورطة في النزاع مع العراق، المرشح للاشتعال من جديد وفي زمن ليس بالبعيد.

وسيكون باول قد اسدى نصيحة قيمة لشارون لو ردد على مسامعه تينك الحقيقتين، عندما يقابله نهاية هذا الاسبوع. شارون لا يعي ان الحرب وسيلة لغاية. وهو لا يتفهم ان سلسلة الانتصارات الاسرائيلية ضد العرب لم تجعل حياة اسرائيل اكثر أمنا ولم تجعل مستقبلها اكثر ضمانا. وشارون ليس لديه تكتيك للانسحاب من حربه الحالية في الضفة الغربية. فهل يقصد هذا الرجل ان يحول جيشه الى شرطة مدنية ترابض في رام الله ونابلس وجنين وبيت لحم، الى الابد؟

يزعم شارون ان هدفه هو تدمير ما يسميه «البنية التحتية للارهاب». وهو يمكن ان ينجح بالفعل في جمع كميات هائلة من الاسلحة، كما يمكنه ان يغتال اعدادا كبيرة من الفلسطينيين، ولكن الاسلحة يمكن توفيرها دائما للراغبين في الحصول عليها. كما ان القضية الفلسطينية ستجد دائما المستعدين للقتال من اجلها وهم يحملون اسلحتهم بايديهم.

ان المأساة الحقيقية في ما يحدث الآن في الضفة الغربية، هي العبثية الفاضحة للاستراتيجية الاسرائيلية. هذه الاستراتيجية الحمقاء التي ضحاياها كثيرون جدا من الابرياء، وتسبب آلاما ومعاناة هائلة للجميع من دون ان تحقق ايا من الاهداف التي حددها اصحابها.

ان شارون هو الخاسر على المدى البعيد. وليس من مصلحة الولايات المتحدة ان تنحاز الى رجل خاسر وضع نفسه في ورطة لا مخرج منها. واذا لم يتمكن باول من اقناع شارون بانه من المستحيل طرد الفلسطينيين من ديارهم مرة اخرى، فان المهمة التي امر الرئيس الاميركي جورج بوش بتنفيذها، ستكون قد ولدت ميتة.