حريمنا وحريمهم

TT

هذا موضوع يشغل الكثير من احاديث ومناقشات المغتربين والمغتربات من العرب. كيف تقارن بين المرأة الغربية والمرأة الشرقية، او بصورة اخص المرأة العربية؟ كم وكم القي علي هذا السؤال. انه سؤال واحد ولكن له عشرات الاجوبة. وكل واحد منها يتطلب عشرات الصفحات. نأخذ منها كلمة الشرف. انها تعني عند الشرقيين ما قاله فيها يوسف وهبي رحمه الله، شرف البنت زي عود الكبريت. ما يتولعش غير مرة واحدة. جرائم الشرف تعني دائما قتل المرأة الخاطئة. وخيانتها تعني دائما الخيانة الزوجية. عند الانكليز الشرف يعني الأمانة وعدم الكذب، والخيانة تعني خيانة الوطن وخيانة الواجب.

بيد ان فرقا سلوكيا ظريفا لفت نظري في الايام الاخيرة. المعتاد عندنا ان المرأة او ذويها يتبارون في مرحلة الخطوبة في التهويل بثروتها وثروة أبويها وأهلها ومركزهم في الدولة. وكذا يفعل الرجل الخاطب. يتزوج الاثنان ثم يكتشفان ان تسعين في المائة مما قيل لهما كان كذبا صرفا. لا قصور ولا بساتين ولا مجوهرات ولا أي شيء. فيعض الرجل على اصابعه حسرة على ما اقدم عليه واوقع نفسه فيه. عند الانكليز، تبذل البنت المحترمة قصاراها لاخفاء أي شيء يتصل بممتلكاتها وثروة أهلها او مركزهم. باستثناء ما جرى عفوا وبدون قصد، لا يكتشف الرجل شيئا من ذلك الا بعد ان يعقد العزم على الزواج بها. يصدق نفس الشيء بالنسبة لها. الفكرة هنا ان كلا منهما يحاول ان يتأكد ان الطرف الثاني يتعلق به من منطلق الحب وليس طمعا بالثروة، او المركز. وزيادة في الحرص على ذلك، لا تأخذ البنت الرجل الى بيت أهلها او تدله عليه ولا هو يأخذها الى بيت اهله او يدلها عليه الا بعد ان يكونا قد عقدا العزم على الزواج. فربما يرى في البيت سجادة جميلة او لوحة زيتية شهيرة فيتزوجها حبا بالسجادة لا حبا بها. ولكن لهذا التقليد عيوبه، فكثيرا ما يحدث ان الرجل، وهو لا يعرف شيئا عن ثروتها ومكانة اهلها وما في بيتهم من سجاد ثمين، يتخانق معها ويفترق عنها ثم يسمع عن ثروتها وما في بيتها من سجاد وانتيكات فيما بعد فيعض اصابعه حسرة على ما اقدم عليه وما فوته على نفسه من فرصة.

لا ادري هل نحن اعقل منهم ام هم اعقل منا. ولكن يبدو ان الكوميدي البريطاني الراحل سبايك مليغان، كان اعقل منا ومنهم عندما نشر قبل بضعة اشهر اعلانا في صفحة التعارف لمجلة «برايفت آي»، قال فيه انه يود التعرف بامرأة عظيمة الثروة. الغرض: القتل. وقد كشف فيما بعد انه تسلم ثماني واربعين رسالة من نساء غنيات استجابة لاعلانه. ولكنه لم يبادر قط لمواصلة الموضوع والاتصال بهن. لقد اكتشف انهن اسأن فهم اعلانه فقد فهمن ان ما قصده بالغرض «القتل»، كان القيام بقتله هو. لكل من الاسلوبين الشرقي والغربي عيوبه. اعتقد بالنسبة لزواج الغربيين القائم على الحب انه ينقصه ضمان استمرار الحب وعدم تعرضه لما يسمونه بحكة السبع سنوات، وهو التلهف بعد سبع سنوات من الزواج للبحث عن حب جديد. يقتضي ذلك حصول الطرفين على بوليصة تأمين ضد الاصابة بهذه الحكة تنص على دفع تعويض معقول للطرف المتضرر. وبالنسبة لاسلوبنا الشرقي القائم على المادة فمن الضروري تقديم الوثائق المثبتة لوجود الاملاك والبساتين والاموال وخلوها من أي رهن او تبعية مع وضع الحجز عليها درءا لتهريبها عند الطلاق او الموت، على ان يرفق كل ذلك بشهادة طبية تشير الى اعتلال صحة والد البنت وقرب اجله، فما الفائدة من ثروة لا تقع باليد قبل ثلاثين او اربعين سنة؟