كولن باول.. يغرد بعيداً!!

TT

واضح ان هناك اتفاقا اميركيا اسرائيليا بالسماح لشارون بالانتهاء من مهمته في الاراضي المحتلة قبل اية جهود سياسية، والا كيف نفهم ان وزير الخارجية الاميركية يذهب الى آخر نقطة في العالم العربي ليقوم بجولة تستمر اياما بينما الدبابات الاسرائيلية تدوس على المدنيين، وطائرات الاباتشي تقصف الابرياء في المخيمات؟

لو كانت لدى الولايات المتحدة جدية، ولو كانت اميركا تتصرف كدولة مستقلة في الشرق الاوسط، لكانت المحطة الاولى لوزير خارجية الولايات المتحدة هي الاراضي المحتلة وليس المملكة المغربية، لكن القضية واضحة وهي اعطاء الفرصة الكافية لشارون ليمارس جرائمه تحت حجة الدفاع عن النفس، وتحت حجة تصفية منظمات الارهاب.

عملية شارون امامها طريقان لا ثالث لهما، فاما الدخول السريع للمدن والمخيمات، وهو امر يتطلب ان تدوس الدبابات الاسرائيلية على اجساد المقاومين، وتؤدي الى مذابح بالالاف للمدنيين، او تستمر عملية التحرك البطيء تحت رحمة مقاومة فلسطينية عاتية وقوية ومكلفة للجيش الاسرائيلي رغم عدم تكافؤ القوتين والتفوق النوعي والكمي للاسرائيليين، وفي كلا الحالتين ستدفع اسرائيل ثمنا سياسيا كبيرا.

هناك تململ دولي كبير، وحملة ادانة واسعة لاسرائيل، وبدأت حملة التعاطف الدولي مع الفلسطينيين تتدحرج مثل كرة الثلج، وتكبر كل يوم، حتى وصلت الى اهم محطات التلفزة الاميركية، والصحف الكبرى داخل اميركا، وبدأت بالتأثير على قطاعات هامة في الرأي العام الاميركي، فالانسان لا يمكن ان يقف متفرجا ولا مباليا وهو يرى الاطفال يقتلون بطريقة همجية، والطائرات تقصف بيوت المدنيين، والمدفعية الثقيلة تضرب وسط مخيمات اللاجئين فتحيلها الى جحيم لا يطاق.

الادارة الاميركية منقسمة على نفسها، فهناك اطراف تعرف مقدار ما تسببه جرائم شارون من تدمير لسمعة الولايات المتحدة ومصالحها الاستراتيجية، وهناك اطراف يسيطر عليها اللوبي الصهيوني، وتضع المصالح الانتخابية فوق كل اعتبارات الامن القومي، وكلا الطرفين يعلم ان طريق شارون مسدود، وان العنف يصنع العنف، وان الفلسطينيين لن يهزموا لانهم يدافعون عن ارضهم، ومع كل ذلك فقد قرر كولن باول ان يغرد بعيدا.. وبعيدا جدا.