مقولة وحفنة أغاني

TT

ما الذي يجمع كونداليزا رايس بفيروز....؟

وبالله عليك لا تقل فقط اغنية «الآن الآن وليس غدا» فالسيدة الاميركية المتجبرة ـ ومن يلومها ـ تضيف الى الآن، وغدا تعبير «دون عجلة».

ولا تفكر بالسرعة ابدا فالسيدة التي تستطيع ان تقول لها وعنها «لو ذات سوار لطمتني» يقفز لاوعيها الى لسانها، وتصف بأغنيتها دون ان تدري عربة السلام فهي «دون عجلة» و «دون عجلات» مثل الارادة العربية والانتصارات العربية والصمود العربي الذي لا تفتح قناة تلفزيونية دون ان تسمع اغنية له وعنه، فتنظر حولك لتبتهج مع المبتهجين، فيغنيك الحال عن عمق التفكير وذل السؤال.

وفي عز التركيز على وفرة الأغاني الحماسية تنتبه الى ان اغنية «والله زمن يا سلاحي» غائبة عن المشهد، ومثلها كانت اغنية أم كلثوم «اصبح عندي الآن بندقية» التي كانت ممنوعة في عدة دول عربية بقرارات رسمية وظهرت على استحياء هذا الموسم في الفضائية العراقية لتذكر من اوشك ان ينسى بقصة الاعرابي الذي فاجأه خصمه وطلب منه ان يرمي السيف والرمح بعيدا ويستسلم فقال: أوَمعي سيف ورمح؟ ذكرتني بالطعن وكنت ناسيا.

وبلا كلام كبير يا ولد، فالفضائيات العربية مبتهجة بـ «جايين» ونحن كالايرلنديين لا نعرف هل نحن «جايين أم رايحين»، فلسنا بذكاء جوليا بطرس لننسى الحكومات والانظمة، ونسأل معها: «وين الشعب العربي وين»، فنحن نعرف وهي تعرف انه في خبر كان منذ ان صارت القرارات المصيرية الحاسمة بيد اخوان واخوات ليت وعسى ولعل، وسين وسوف وياويح قلبي من سين وسوف.

ولا اريد ان انكد بهجة الفضائيات بالانتصارات لكن لا اكتمكم اني احسدها على اساليبها المبتكرة والتقط من اغنية «وطني حبيبي الوطن الأكبر» كلها مطلع مشاركة نجاة في تلك الاغنية الجماعية:

ـ «وطني يا جنة الناس حاسدينها» وأسأل: حاسدينها على إيه يا هانم، وحالتنا تصعب على الكافر، فكل المدن بتنام غرقانة بالاحلام إلا عيون القدس، ورام الله والاسطورتين (نابلس وجنين) وبيت لحم مهد المسيح عليه السلام الذي دافع متطرفو المسيحية الغربية عن وجود اسرائيل في بلادنا لتكتمل الرؤيا ويعود المسيح الى هناك مكللا بالغار، وها نحن ننتظر معهم فلا نرى بين العائدين غير كولين باول، والآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتقرع، ليذهب ويعود ثم يذهب ويعود ويذهب ويستدعي زيني ليجبره على العودة فهما الوحيدان المشمولان بحق العودة وفق القرار 194 للجمعية العامة للأمم البائدة.

ولا تقولوا صاحبنا جن وحده فأنا مثلكم بيني وبين الجنون والانفجار شعرة ان شدوها اعطيتهم إياها من جذورها لأنضم اخلاقيا وانسانيا وعروبيا الى جيل «أخي جاوز الظالمون المدى» فإما حياة تسر الصديق، وتريح من هذه الازدواجية العربية القاتلة وإما اعتراف عميق بالهزيمة وترحيب من دون حدود بالخراب الأصيل، فمنذ الأزل يعرف اصغر معمار انه لا جدوى من ترقيع جدار آيل للانهيار، ويعرف أبعد صعيدي أو حموي أو طنجاوي، أو صحراوي ان «الضرب في الميت حرام» وان أصعب مهمة في العالم هي اسماع من لا يريد ان يسمع فلماذا كل هذه الأغاني الحماسية، وحقيبة الراعي الصالح مليئة بالمهدئات وكل أنواع المورفين لعلاج من يغلط ويغتاظ، ويقرر الانسحاب الطوعي من حزب الطائعين المطواعين.

وبعد هذا لا يبقى غير مقولة «هونونو رعيو طوبو» قالها المسيح عليه السلام بالسريانية وتعني «طوبى للراعي الصالح» ومقابل الذين يزيفون وعينا يوميا ويهتفون «طوبى لراعي السلام» نقول بالعربية والسريانية والعبرية والآرامية والآشورية، وكل اللغات الميتة والحية اذا كان هذا هو راعي السلام «فعلى السلام السلام».

ان المرحلة الحالية ـ ومن دون تلحين ـ مرحلة «الآن الآن وليس غدا» لكن كل يغنيها على طريقته، ومن الآن الى ان تقرع أجراس العودة، أو الاستسلام لا حاجة للاكثار من الخطب والأغاني والمقولات الحماسية المضللة ولا بد من العودة لنصيحة محمود درويش القديمة، فإما ان تتحرك الأنظمة كالشعوب، وتتصرف وتفعل اضعاف ما تقوم به الآن، وإلا فلا ضرورة لـ «جايين» ولا حاجة للفلسطينيين بكل هذا الحب القاسي.