صفو المحبة في الاسم

TT

اطلع صديقنا، الشاعر والاديب عطا يوسف منصور، على ما كتبته بشأن الاسماء وما يترتب عليها من مقالب، وهو ما فعله الكثيرون بلقبي «القشطيني». فبعث اليّ بهذه الابيات الخمسة الطريفة:

صفو المحبة والوفا في ديني فانعم صباحاً ايها القشطيني اصبحت تشكو الاسم وهو مرنم كالدارمي ونسبة المسكين فحلاوة الاسماء وهي علامة رزق، ورزقك وافر بالدين يكفيك انك في المكارم خالد وكفى ابانا آدما من طين ما كان في العسل المصفى لذة كتلذذي في لفظة «القشطيني» جزاك الله خيراً يا اخانا عطا على مقارنتي بالعسل بيد ان للأخ علي الراوي موضوعاً اخطر من مسألة الاسماء. يقول في الايميل الذي بعث به الى هذه الزاوية، اننا جميعاً رحنا نصفق ونسجل اعجابنا بأولئك الجنود الاسرائيليين الذين رفضوا الخدمة في الاراضي المحتلة لمهاجمة السكان المدنيين. يقول هذا شيء يستحق الاعجاب فعلاً. فهؤلاء نفر من الشباب وضعوا واجبهم نحو الانسانية فوق واجبهم تجاه رئيس حكومتهم. ولكن القارئ الكريم يخرج من ذلك ويطرح هذا السؤال بالمقابلة فيقول:

«ولكن ماذا لو ان هؤلاء الجنود والضباط كانوا عربا ورفضوا اداء الخدمة في حروب رعناء يشنها حاكم دكتاتوري. أفلا سيبادر الكتاب عندنا ليصفونهم بالخيانة والجبن؟ أفلا ستبادر السلطة على اعدامهم فوراً؟».

«لم يعمد الاسرائيليون الى قمع هؤلاء الرافضين بل فتحوا المجال امامهم ليكتبوا ويعبروا عن آرائهم علناً. انني هنا لا ادافع عن الاسرائيليين بل اعتبر عدوانهم مشابها للجرائم التي اقترفها النازيون».

هذه يا اخي علي الراوي مسألة تتعلق بالثقة بالنفس ومستوى التطور، الحقيقة ان كل الدول الاوروبية كانت تعدم الرافضين ومن يجبنون خلال الحرب العالمية الاولى، ولكنهم بمرور الزمن اخذوا يعترفون بحق المواطن لرفض السلاح من منطلق الضمير، وهناك ألوف منهم لم يشتركوا في الحرب العالمية الثانية لهذا السبب، ولكنهم اضطلعوا خلالها بالخدمات المدنية كاسعاف الجرحى ونقل الموتى. طبعا جاء الكثير من الاسرائيليين من الغرب وجاءوا معهم بهذا التراث السلمي، فضلا عن ذلك، اسرائيل دولة واثقة من نفسها ومن قوتها من اخلاص مواطنيها لكيانهم. لن يؤثر بضع مئات من الرافضين على فاعليتها وكفاءتها، وهو ما يختلف عنا، فالوطنية ما زالت على القشرة في عالمنا العربي ولم تنغرس بعد في المواطن وضميره وينظر في كثير من الأحيان للحروب التي شنتها بلاده كحروب لا ناقة له فيها ولا جمل.