على باول أن يحذر من القضايا الجانبية

TT

وزير الخارجية الاميركي كولن باول، الذي ما زال يتلمس طريقه في الظلام، وسع الآن دائرة مهمته لتشمل لبنان وسورية بغرض منع انتشار النزاع الحالي، اذ ربما يؤدي ذلك الى صرف الانتباه عن القضية الفلسطينية. وتزعم اسرائيل ان سورية تشكل لها تهديدا، علما بأن خطوط وقف اطلاق النار بين اسرائيل وسورية ظلت هادئة لاكثر من ثلاثة عقود وليس هناك ما يدعو لعدم استمرارها على هذا المنوال. اما بالنسبة للبنان، فإن الهجمات المتقطعة التي يشنها «حزب الله» على المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة لا يمكن اعتبارها اكثر من مجرد مناوشات محدودة. فالقضية التي تحتاج بالفعل الى تحرك عاجل هي معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية، اذ لا يمكن وضع حد لهذه المعاناة ما لم تؤسس دولة فلسطينية مستقلة، وهذا بالطبع لا يمكن ان يحدث الا بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي الفلسطينية التي اعادت احتلالها.

ان الانصراف الى القضايا الجانبية سيعرقل تماما جهود ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الرامية الى صنع السلام، اذا كانت الادارة تسعى الى ذلك بالفعل. وتكمن المشكلة في الحقد الشخصي الذي يكنه رئيس وزراء اسرائيل أرييل شارون للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وفي اطار سعيه لتهميش الزعيم الفلسطيني وابعاده اقترح شارون مؤتمرا اقليميا موسعا، وطرح «فكرته الجديدة» كسبيل الى تأييد المبادرة السعودية كما صادقت عليها القمة العربية الاخيرة في بيروت الشهر الماضي، الا ان خطة لعبته مختلفة تماما. انه يحاول اثارة دخان دبلوماسي كثيف حتى تتمكن قواته من الاستمرار في تدمير القرى والمدن الفلسطينية، كما انه يريد صرف الاهتمام الاميركي عن القضية العاجلة والملحة. ويأمل شارون كذلك في ان يؤدي مؤتمر دولي، من المفترض ان تحضره بعض الدول العربية، الى التغطية على آخر جرائم شارون ومنحه احتراماً لا يستحقه. باول في حاجة الى انجاز ثلاثة اشياء اذا لم تنته مهمته الى الفشل، اولا التوصل الى جدول زمني لانسحاب مبكر، إن لم يكن فورياً، للقوات الاسرائيلية، وثانيا اعلان تاريخ وشكل واجندة لمحادثات تفضي الى اقامة دولة فلسطينية، وثالثا تعزيز وقف اطلاق النار الذي من المفترض ان يسبق هذه المحادثات.