العنصريون ودعاة التحالف الأعمى

TT

مثلما كان فوز حزب هايدر اليميني العنصري في النمسا مثار ارتياح بعض العرب صار الشيء نفسه عند بعضهم بعد فوز المتطرف جون ماري لوبن في المرحلة الاولى للانتخابات الفرنسية. هؤلاء العرب وصفوها بضربة للصهاينة. فهل يكفي ان يكره هايدر او لوبن او غيره الصهاينة حتى يكسب حبنا؟

عكس هذا المنطق الأعوج قبل عام برنامج تلفزيوني استضاف سيدة تحمست كثيرا لفوز اليمين المتطرف في النمسا لأن له مواقف عدائية ضد اسرائيل، وجلس قبالتها سيد يحاول عبثا ان يشرح لها انه لا يجوز ان تختار العنصري حتى من قبيل تكتيك التحالفات، عدو عدوي هو صديقي، لأن هذا خطأ من حيث المبدأ ولأنه مضر بالعرب في اوروبا. واتذكر انها ردت عليه انه لا يهمها ما يحدث لعرب اوروبا، بل يهمها اولا واخيرا ما يحدث للمواطن الفلسطيني في ارضه المحتلة.

الحادثة تتكرر في فرنسا اليوم مع نجاح العنصريين الفرنسيين وهزيمة الاشتراكيين. وها هو المتطرف لوبن لم يوفر وقتا ليجاهر مرة اخرى بآرائه، حيث انه فاز بسبب آرائه المتطرفة ضد العرب وتحديدا الجزائريين والمغاربة الذين اعلن انه سيستهدفهم مثل معارضة حقهم في حمل جنسيتين من قبيل البحث عن ذرائع قانونية لترحيل او التضييق على اكبر عدد منهم.

فكيف لنا ان ننظر الى هذا التطور السلبي؟ هل نرحب باليمين المتطرف فقط لانه يكره اليهود؟ بل السؤال الأهم هو هل نعتبر ان الحد الفاصل في حياتنا كلها يقوم على مفهوم القضية العربية او اي قضية أخرى؟ مؤسف تماما ان يبلغ الجهل درجة ينتصر فيها بعض العرب للنازيين والعنصريين والمتطرفين الغربيين فقط لان موقفهم يطابق موقفنا في قضية ما، مثل انهم يعارضون اسرائيل او يؤيدون العراق. مؤسف ان يجد ميلوشيفيتش واتباعه عربا يصفقون لهم فقط من قبيل مساندتهم ضد ما يسمى بـ«العدوان الاميركي». مؤسف ان ترى عواصم عربية تفرش السجاد الاحمر لكل متطرف يعلن صراحة افكارا قبيحة مثل طرد المسلمين من روسيا، ومؤسف ان ترى من يهلل لفوز هايدر او لوبن او غيرهما من الفاشيين فقط لأنهم يقفون في نفس الخندق، فمن يشرفه ان يجلس في خندق الكراهية هذا؟

بودي ان اعرف اليوم ما هو شعور الذين سارعوا بالهجوم على المعابد اليهودية في فرنسا بعد ان سمعوا نبأ فوز العنصري لوبن، عدوهم وعدو يهود فرنسا المشترك، فعرب فرنسا يجلسون في نفس الخندق مع يهود فرنسا ضد لوبن.

نعم هناك تناقض في المصالح يطرأ احيانا، لكن ما لا يمكن تبريره هو دعم العنصرية، ويخطئ من يعتقد انه هناك عنصرية حميدة وأخرى بغيضة. فالأوروبي الذي يعادي اليهودي هو في حقيقة الأمر يعادي العرب والسود وغيرهم من البشر. وعندما بررت تلك السيدة موقفها من العنصريين بخدمة ملايين المضطهدين الفلسطينيين وان كان ذلك على حساب عرب اوروبا، فانها تناست ان عدد عرب المهجر في فرنسا اكثر من عدد الفلسطينيين وبالتالي لا يمكن تهميش وجودهم او اعتبار قضيتهم رخيصة الثمن.