رياضيات الروابط العائلية

TT

تنتهي آفاق تفكيري بالنسبة للروابط العائلية عند المرتبة الثانية او الثالثة. حالما يتجاوز القريب منزلة ابن العم اجد نفسي في متاهة يقصر ذهني عن استيعابها. كان اخي مظفر رحمه الله على عكس ذلك. كلما ذكرت له اسم موظف مسؤول في الدولة، قال لي: ابشر، هذا ابن عمنا. اذهب له وعرف نفسك اليه وستجد كيف سيلبي طلبك. ابادر فأسأله وأقول ولكنني لا أعرف ان عندي ابن عم يحمل هذا الاسم ويشغل هذا المنصب؟ يجيبني ويقول: بالطبع هذا ابن عمنا. انه حفيد الحاج فاضل الذي تزوج بالعلوية فهيمة التي هي بنت خال السيد علوان من أهل سامراء وكان هذا له اخ من أمه تزوج بالحاجة سعدية خالة عمك عبد الواحد. ويمضي في تفصيل العلاقة ليثبت لي أن الأستاذ عادل مدير طابو بغداد الذي لم أسمع به طيلة حياتي هو في الواقع والحقيقة ابن عمي وعليه واجب تمشية معاملتي حتى ولو كانت زوراً.

ولكن حالي على ما يظهر كان أيسر بكثير من حالة ذلك الرجل الذي فكر بالانتحار، كما روت حكايته الأخت الفاضلة ندى السامرائي في رسالة ايميل وصلتني مؤخراً.

كان الرجل على وشك الانتحار لولا ان اوقفه رجل شيخ وقور وأنبه على يأسه من رحمة الله وسأله ما الذي دفعه الى ذلك؟ قال: مشكلتي العائلية التي دوختني. فقد تزوجت يا سيدي بامرأة ارملة لها فتاة في سن المراهقة تعهدتها كابنتي وعندما بلغت الفتاة اشدها رآها ابي فتوله بها وخطبها من أمها ومني بمثابة والدها وولي امرها فزوجناه اياها فأصبح والدي بمقام زوج ابنتي وأصبحت زوجتي حماته وبالتالي وبحكم ذلك اصبحت انا حما لأبي. ثم انجبت زوجتي ولداً لي فأصبح الولد حفيداً لأبي. وبما ان ابني هذا هو اخو زوجة ابي التي هي بمثابة خالتي فصار ابني يعد خالاً لي ايضاً.

وحيث ان زوجة ابي وضعت طفلاً يعد في الواقع وبكل وضوح أخي من أبي وبنفس الوقت حفيداً لي من امه التي كانت ابنتي وكان هو حفيداً لزوجتي من ابنتها، وبما ان زوجتي صارت جدة أخي فهي بالتالي غدت جدتي انا ايضاً وأصبحت انا بمثابة حفيدها.

عاد الرجل فاستأنف كلامه ليوجز للشيخ الوقور حقيقة الموقف فقال له: وهكذا يا سيدي المحترم وبكل اختصار اصبحت انا زوج جدتي وحفيدها في الوقت ذاته. ونظراً لأنها جدة أخي المذكور فقد اصبحت انا ايضاً جداً لأخي. وبناء عليه وكما أود ان اوجز لك بكل احترام اصبحت انا يا سيدي جد نفسي او حفيد نفسي اذا شئت انت تقول لأنني بحكم كوني حسب الشرع...

وهنا قاطعه الشيخ العجوز وقال له «اسكت لا عافاك الله! ولكن هيا تعال معي». سأله الرجل: الى أين تريد بي؟ اجابه الشيخ: تعال معي! تعال لننتحر معا. لقد افقدتني رشدي وضيعت علي امري، لا بارك الله فيك.