آخر أيام الخندق هكذا مات وأحرق

TT

كان في قاعة الاجتماع نحو 20 شخصا، بينهم جوزف غوبلز وزوجته. وكانت هناك طباخة وبعض كبار ضباط الصاعقة. صافح هتلر كل واحد بمفرده، وقال بضع كلمات خاصة لم تفهم، بسبب محركات الديزل التي تؤمن التهوئة والكهرباء في الخندق، ثم ألقى كلمة قال فيها إنه قرر الانتحار لأنه لا يريد الوقوع في أيدي الروس. وحرر الحاضرين من قسم الولاء له واقنعهم بتسليم انفسهم للقوات البريطانية او الأميركية. صباح 30 ابريل (نيسان) وصل الروس الى بضع مئات الامتار من الخندق. وفي السابعة خرجت ايفا براون الى باب الخندق «من اجل ان ارى الشمس مرة اخرى». ولحق بها هتلر على الدرج لكنه عاد عندما تزايد القصف. عند الظهر عقد اجتماعا آخر في القاعة، ثم اعطى تعليماته الى مساعده اوتو غونشيه: احرق جثماني وجثمان ايفا براون بعد ان ننتحر. يجب الا تقع جثتانا في ايدي الروس. واتصل غونشيه بسائق هتلر، اريك كمبكا، وطلب منه ان يحمل صفائح البنزين «ومن خزانات الدبابات اذا اقتضى الأمر». في الثانية بعد الظهر تناول هتلر وجبة الطعام الأخيرة برفقة معاونيه وطباخته. كان هادئا ومتماسكا بعكس الأيام السابقة. وبقيت ايفا براون في غرفتها. وبعد قليل قام عن الطاولة وقال: «لقد حانت الساعة. انتهى كل شيء».

ذهب الى جناحه وعاد ومعه زوجته. واخذ يودع الضباط. وقال له غوبلز: غادر برلين، ثم قال له قائد السلاح الجوي ان هناك طائرات تستطيع ان تقطع 7 آلاف ميل، يمكن ان تنقله الى احد البلدان العربية، او اميركا الجنوبية او اليابان. لكنه رفض. وقال ان المهم فقط هو الا تقع جثته وجثة زوجته «في ايدي اولئك الخنازير»، كما حدث لموسوليني. واعطى قائد السلاح الجوي آخر لوحة رسمها بريشته. وكانت لفريدريك الاكبر.

في الثالثة والنصف بعد الظهر سمع صوت طلق رصاصي. دخل مساعد الفوهرر الى غرفته فوجده ملقى على الارض وقد اخترقت رصاصة صدغه. والى جانبه، راكعة، جثة ايفا براون. وبصعوبة حمل المساعدون الجثتين الى مدخل الخندق تحت القصف الشديد. ومساء اليوم التالي، وبعد مقاومة شديدة واخيرة من الألمان، رفع الروس علمهم فوق مبنى «الرايشستاغ». في هذا الوقت كان يعاد احراق جثتي هتلر وايفا للمرة الثانية، لأنه لم يكن هناك ما يكفي من الوقود في المرة الأولى. وعندما حاول ضابط الصاعقة هرمان كارناو دفن الهيكلين، تفتتا الى رماد «واخذت الريح تذر الرماد في الهواء».

هكذا ذر مع هتلر جزء مريع من التاريخ وقعت خاتمته في مثل هذا الشهر قبل 61 عاما. لم يتحول هتلر وحده الى رماد محترق بل المانيا وكثير من اوروبا وكثير من العالم. واوروبا التي اراد السيطرة عليها بالمدفع توحدت في اسواق البرتقال. وبرلين التي لم تصبح امبراطورية هدمت امبراطورية السوفيات الذين كان يرتعد من الوقوع في ايديهم. لكثرة ما فعل بهم.