ما الذي قاله الترابي؟

TT

لا أتمتع بالمعرفة ولا الرغبة في الدخول في مناقشة فتاوى حسن الترابي بشأن الاسلام والموقف من المرأة، إلا من زاوية واحدة. وهي ان تصريحات الترابي تشير إلى نقطة مهمة وهي ضرورة تشذيب الاسلام مما لصقوا به عبر القرون الفائتة واعداده للعيش في ظروف القرن الواحد والعشرين.

يرفض طبعاً الاسلاميون الاخذ بمثل هذا المذهب ويصرون على التمسك بتطبيق كل ما قاله السلف. ولكنهم بموقفهم هذا يسددون طعنة كبيرة من الخلف للايمان في كل مكان. منذ القرن التاسع عشر سددت العلوم والاكتشافات الحديثة ضربات عنيفة للايمان الديني حول الكرة الارضية وراحت الاديان تتراجع في كل مكان. حدثت صحوة قوية عند المسلمين في السنوات الأخيرة لا بسبب نزول وحي جديد او اكتشاف روحي مثير وانما بسبب انهيار القومية والاشتراكية والهزيمة امام اسرائيل بما ترك فراغاً في النفوس سارع الناس الى ملئه بالدين.

السؤال الآن، هل سيسد الإيمان هذا الفراغ وإلى متى؟

جوابي هو ان ما حصل للقوميين والاشتراكيين سيحصل للاسلاميين. ويحصل لنفس السبب، وهو تبني برامج لا يمكن بناؤها؟ الوحدة العربية عند القوميين والعدالة المطلقة عند الشيوعيين برامج لا يمكن تحقيقها وكذا سيكون الأمر بالنسبة للاسلاميين. لن يتمكنوا من تطبيق كل الاسس التي يتمسكون بها ونحن في هذا القرن. وعندما سيفشلون ويتضح فشلهم للناس، سيتعرض الجمهور لشعور مرير بالاحباط والردة، تماماً مثلما حصل بالنسبة للقومية والماركسية. سيشعر القوم ان كل التضحيات والعمليات الانتحارية والفدائية كانت مضيعة للوقت والموارد، بل وسبباً لنتائج سلبية. وكما اتوقع، ونحن امة متطرفة، ستؤدي هذا المشاعر الى ردة عارمة ضد الايمان، ليس بالنسبة للمسلمين فقط وانما بالنسبة لكل المؤمنين حول العالم. فسيقول القائلون، انظروا ما جناه المسلمون من ايمانهم.

كنت اتكلم مع زميل من اتباع اللاعنف ورحت اشرح له الجوانب الحضارية والسلمية من ديننا الحنيف: فقاطعني، وقال لا تحدثني عن الاديان وقيمها الروحية. كل ما جرى من حروب وقتل وعدوان في تاريخ الانسان كان سببه الدين.

هذه مسؤولية خطيرة يتحمل عبئها الاسلاميون لقد عاش آباؤنا وأجدادنا بتعايشهم مع ضرورات الحياة وبوحي القاعدتين الفقهيتين «الضرورات تبيح المحظورات» وايضاً: «اذا ضاق الأمر اتسع».

ما اروع ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه «ربنا اعطنا ايمان العجائز» عاشوا بايمانهم البسيط يؤدون ما لله لله وما للانسان للانسان. وكل انسان مسؤول امام ربه وامام حاجات يومه. وما لانسان من سلطة على انسان آخر.