في يوم الجوع الحلاقة مجانا

TT

في اليوم الذي احتج فيه الموظفون الفلسطينيون على مرور ثلاثة أشهر بدون ان يتسلموا مرتباتهم من الحكومة الجديدة عرض الحلاقون عليهم حلاقة رؤوسهم مجانا، وقدم تاجر خضار مساعدات مالية لبعض المدرسين، وتبعه آخرون، وقال رجل من الخليل انه لن يجوع أحد في المدينة طالما هناك في بيوتهم ما يؤكل. مشاعر نبيلة لكن ما الذي قالته الحكومة المسؤولة عنهم حتى الآن؟

الحكومة اعلنت انها ستدفع مرتبا واحدا لا ثلاثة، ولربع الموظفين فقط، وهذا سيدفع بالكثيرين الى الشارع محتجين على بقية المرتبات او حرمانهم تماما. لم تقل ماذا سيحدث الشهر المقبل، والذي يليه، او للأغلبية من موظفي السلطة الذين يقارب عددهم الثمانين الفا. وامام هذا الوضع الذي يتردى يوما بعد يوم يعود الحوار من المسؤول عن الأزمة؟

الحكومة تقول ان المجتمع الدولي بعمومه مسؤول لأن المساعدات والمنح الدولية جمدت في معظمها عقابا لحماس على توليها السلطة، وبعبارة اخرى عقابا للفلسطينيين على اختيارهم الديموقراطي للحركة الرافضة للحل السلمي. والطرف الآخر يرد بأن حكومة حماس هي المسؤولة عن قطع المساعدات بسياستها المعادية والرافضة لما تم التوقيع عليه من قبل السلطة الفلسطينية في مخالفة للأعراف الدولية، وان سياستها حرمت شعبها من المساعدات. وطالما ان حماس اخذت مواقف متشددة ورفضت العروض الدولية فانها اصبحت قانونيا واخلاقيا مسؤولة عن مصائر آلاف من مواطنيها.

وبغض النظر عن الجدل الذي سيستمر بين الجانبين فإن الأكيد ان معاناة الفلسطينيين ستزيد. ومن حق الحكومة الفلسطينية ان تستمر في موقفها المعادي لكن من واجبها ان تقدم لمواطنيها البديل بدل نقل الوعود الكلامية من ايران ومثيلاتها. السلطة في حاجة الى نحو مائة مليون دولار كل شهر فقط لتدفعها كمرتبات الموظفين عدا عن واجباتها الادارية والخدمية لمناطق السلطة. الرقم المتراكم أكبر من قدرة الدول العربية المالية، حتى لو بلغت بها الأريحية والالتزام الحقيقي بدفعها.

حماس قالت لا للخارج منذ اول يوم، لكنها ومنذ مائة وخمسين ونيف يوم لم تقل نعم لمواطنيها. فكيف ستفي بواجباتها كحكومة مسؤولة تجاههم. ستمضي حماس وخصومها في الحرب الكلامية حول من هو المسؤول ولماذا، وستشير باصبعها للحكومات الاجنبية والعربية وستحصل على بعض المساعدات، ثم ماذا ؟ انها لن تستطيع ان تقنع المحتاجين ان يكتفوا بالحلاقة المجانية ولا بدفع المرتبات لربع الموظفين.

وهنا سيأتي الامتحان القاسي للحكومة المنتخبة بأغلبية الاصوات، ان تسقط غدا بنفس السلاح الذي كسبت به الانتخابات. او الاستفتاء كما هدد به الرئيس محمود عباس داعيا للاحتكام الى الشعب الفلسطيني وسؤاله عن رأيه في ما اذا يمكن ان تستأنف المفاوضات. ومن يدري قد يكون المواطن العادي عمليا وواقعيا اكثر من الحكومة.

[email protected]