حماس في مواجهة شعبها (1 ـ 2)

TT

«لا يجوز الاستفتاء على الثوابت»، و«لا يجوز استفتاء فلسطينيي الداخل وترك من في الخارج»، و«نقبل الحوار مع الفصائل ونرفض استفتاء الشعب». حكومة حماس في حالة هلع واضحة لا تدري ماذا تفعل، بعد ان سدد الرئيس الفلسطيني افضل لكماته في معركة السلطة الحالية.

يقول وزراء حماس للشعب الفلسطيني انهم يرفضون التفاوض، لماذا؟ لأن المسائل المبدئية لا تفاوض عليها، ولأن التصويت لا بد ان يشمل الجميع، ولأن الحل هو التحاور. يا لها من اعذار رديئة. صورت الاحتكام الى الشعب خيانة، كما لو ان الشعب الفلسطيني شعب اجنبي، او انه جاهل لا يعرف مصلحته، او انه كالقطيع يجب ان يقاد الى مصيره. والغريب انها قبلت حكم الشعب عندما فازت بالحكم، اما ان يقرر مصيره فرفضته. عندما اختارها قالت «صوت الشعب»، لم تقل ان ظروف الحرب لا يستشار فيها الشعب، ولم تقل انه تصويت ناقص ومرفوض لان فلسطينيي الخارج لم يشاركوا فيه جميعهم.

الجميع امام موقفين لا بد من الاحتكام الى الفلسطينيين بشأنهما، فمن جهة حماس تريد ان تكون شوكة في حلق العدو وعلى الجهة الأخرى منظمة التحرير تريد انهاء الاحتلال تفاوضيا. حماس هي الحكومة المنتخبة شرعيا، ومحمود عباس هو الرئيس المنتخب شرعيا كذلك. الخلاف أساسي بين الطرفين ومصيري بالنسبة للشعب الفلسطيني ولا خيار الا الاحتكام اليه.

حماس، لنقص خبرتها، استمرت في نفس خطابها الانتخابي فارتكبت قرارين خاطئين. الأول انها رفضت القرارات والمواثيق الموقعة من قبل وبالتالي عرضت نفسها للمحاصرة مداخيل وسياسة. والمستغرب انها صدقت الوعود الوردية من بعض الاطراف العربية والايرانية فجوعت مواطنيها في انتظار الارساليات المالية. ظنت انها بموقفها السياسي الرافض تستطيع استمالة المواطن الفلسطيني وتأليب الرأي العام، ومن ثم اجبار القوى الدولية على تغيير موقفها.

الآن حماس الحكومة متورطة في معاشات شهرية لاكثر من مائة وثلاثين الف موظف يعيلون اكثر من نصف مليون مواطن. تهدئة للخواطر الغاضبة كرر وزراء الحكومة الخطأ عندما اكثروا من التصريحات مبشرين الشعب بأن الاموال قادمة، وان الحكومات اتصلت بهم وطلبت لقاءهم والاجتماع بهم في عواصم المنطقة. اخيرا تمخضت الوعود عن راتب شهر واحد لبعض الموظفين مما اغضب بقيتهم فاتهموا الحكومة بأنها تفضل المنتسبين لها والمتعاطفين مع خطها الفكري. قد لا تكون الاتهامات صحيحة مع هذا لطخت سمعة حماس وهي التي فازت في الانتخابات بسبب سمعة فتح السيئة.

اما القرار الخاطئ الثاني، بعد رفضها للمواثيق الموقعة، إعلانها الجلي برفض التفاوض بل ورفض المبادرة العربية، فساوت بين الجهود العربية والاسرائيلية. بان للجميع انه لا يوجد لدى حماس برنامج عمل الا مشروع المواجهة العسكرية، وحتى المواجهة ثبت انها عاجزة عنها امام العدوان الاسرائيلي بدليل الاحداث الاخيرة.

[email protected]