هذه العناكب ما أحكمها

TT

نحن نقول: أوهن من خيط العنكبوت! غلط علميا، فقد أثبت العلماء أن العنكبوت يفرز أنواعا مختلفة من الخيوط، أحد هذه الخيوط أقوى من الصلب ـ نعم أقوى من الصلب، وقد جرب العلماء صناعة خيوط من نفس المادة التي يستخدمها العنكبوت فكانت أقوى خيط عرفته البشرية! والعنكبوت عادة ينسج خيوطا، وتكون هذه الخيوط مصيدة للحشرات الأخرى، فلا تكاد الحشرة تقع فيها حتى يسرع إليها العنكبوت وينقض عليها، فينفذ سمه فيها فتموت، وقد يتركها معلقة في خيوطه، ليعود إلى التهامها في أوقات أخرى!

ومن المعروف أن أنثى العنكبوت تلتهم الذكر أثناء العملية الجنسية، أي قبل أن يفرغ منها، ثم تجعله طعاما لصغارها، فإذا خرجوا إلى الحياة وجدوا لحم الشهيد والدهم طعاما سائغا لهم، وليست أنثى العنكبوت هي التي تفعل ذلك، وإنما أية أنثى، فالزوجة على استعداد لأن تشوي زوجها وتقدمه طعاما لأولادها، فأولادها هم الأهم وهم من دمها ولحمها، أما الزوج فكائن غريب، أدى مهمته ومن الواجب أن يتصرف، ويتصرف إن كانت فيه حياة! وفي ملايين السنين تعلم العنكبوت الذكر أن يحمي نفسه من الأنثى المتوحشة، فكان قبل العملية الجنسية يلف انسجته حولها فلا تقوى على أن تحرك فما أو رجلا، وتظل مكتوفة تماما إلى أن يفرغ من العملية الجنسية ويهرب، بعض ذكور العناكب تفرز حول الأنثى خيوطا مميتة فتظل الأنثى حبيسة هذه الخيوط حتى الموت فتجيء مرة أخرى تلتهم الأنثى.

وقد استطاعت الأنثى في ملايين السنين هي الأخرى أن تحمي نفسها وصغارها فإذا جاءها الذكر استسلمت له ولسعته، وتكون من نتيجة هذه اللسعة أن تتم العملية الجنسية دون وعي منه، وفي نفس الوقت تحتفظ بجثته كاملة وتدفنها مع بيضها أو تضع بيضها فوق هذه الجثة، فإذا ظهر إلى الدنيا صغارها كانت لديهم وجبة جاهزة يوما أو يومين. ويقال إن بعض العناكب والعقارب تفعل نفس الشيء مع ذكورها. فالرحالة الأميركي جون جنتر يقول إنه رأى في المكسيك عددا من العناكب الكبيرة متعددة الألوان والتفت إلى ذكر يمتطي أنثى، ولكنه بدلا من أن يفرز مقبرة من الخيوط قضم عددا من سيقانها فأبطل مفعولها والسبب أن العملية الجنسية عند هذا النوع من العناكب تستغرق وقتا أطول فإذا لم يسارع بتحطيم سيقانها فإنها سوف تقبض عليه حتى الموت! ولكن الإنسان لم يتعلم حكمة العناكب لا ذكرا ولا أنثى!