استيعاب إيران

TT

هناك شبه قناعة سائدة بين كل الاطراف المتابعة، وبين قوى سياسية لبنانية بأن ما يحدث حقيقة على الارض في لبنان حاليا هو حرب بالوكالة، طرفاها الحقيقيان ايران والولايات المتحدة، والاطراف الاخرى المحاربة وكلاء، بينما يدفع اللبنانيون الثمن فادحا انسانيا واقتصاديا.

ولذلك فإن التصريحات التي اطلقها بعض الوزراء الاوروبيين او المسؤولين الدوليين بعدم تجاهل ايران وسورية في الحلول او المشاريع المطروحة لم يأت من فراغ، فإشراك سورية مفهوم بحكم وجودها السياسي في لبنان والجوار، والتداخل في قضية مزارع شبعا، لكن اشراك ايران البعيدة جغرافيا، وهي ليست عضوا في الجامعة العربية هو اقرار بالنفوذ، وبأن لديها اوراق لعب لا يمكن تجاهلها.

ومع التفكير في الحلول ومشاريع ما بعد توقف المعارك، وفكرة نشر قوة دولية مسلحة ذات صلاحيات ردع في جنوب لبنان على الحدود مع اسرائيل، تبدو هناك حاجة الى توافق اقليمي ودولي حول هذه القوة يتجاوز مجرد موافقة لبنان واسرائيل، لانه طالما ثبت ان هناك قوى اخرى تستطيع ضغط الازرار لاشعال الموقف، فإن الامر يمكن ان يحدث مع القوة الدولية التي قد تتحول هي نفسها هدفا لأعمال مسلحة، اذا لم يكن هناك قبول عام لدورها ومهمتها، وخاصة من حزب الله نفسه والذي تملك ايران قدرات كبيرة للتأثير عليه، كما لا يخفى على احد.

وحسب ما هو مطروح الآن، ويفهم من تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ومسؤولين غربيين آخرين، فإن هناك اتجاها لاستصدار قرار من مجلس الامن هذا الاسبوع بوقف اطلاق النار، يتضمن تشكيل قوة دولية لها قدرات ردع في جنوب لبنان، ولا توجد اي ميليشيات مسلحة في مكان عملها.

وقد كان وزير الخارجية الفرنسي واضحا في حديثه امس، بأن نشر هذه القوة يتطلب اولا موافقة لبنان واسرائيل، عاكسا بذلك مخاوف الدول التي ستشارك في هذه القوة، من ان تجد جنودها منخرطين في مهمات قتالية اذا ذهبوا بدون موافقة الاطراف، وهو محق في ذلك.

وهنا تظهر اهمية استيعاب ايران في حل الازمة من زاوية نفوذها على حزب الله ايديولوجيا وتسليحا، وهو دور تستطيع دول عربية ان تلعبه بما في ذلك سورية مع طهران اذا كانت هناك رغبة في التهدئة.

والمشكلة الحقيقية هي ان الاشتباك الدائر بين طهران وواشنطن الآن في لبنان هو جزء من اشتباك اوسع في قضية الملف النووي الايراني، ورغبة طهران في الاعتراف بها كقوة اقليمية كبرى، وهو ملف ساخن يمكن ان يقود الى عواصف او مساومات تنتهي بصيغة ما يجري فيها استيعاب ايران.