الإمبريالية تعتذر

TT

بعد ان سمع احد المسؤولين البريطانيين بما كتبته عن مسؤولية الدول الامبريالية في ان تعتذر لشعوب المستعمرات، سألني عن الصيغة التي اراها مناسبة لمثل هذا الاعتذار. فكرت في الامر وتوصلت الى هذه الصيغة التي اعتبرها مناسبة وواقعية، شافية ووافية. اسوقها اولا لقرائنا الكرام قبل عرضها عليه:

اعتذار رسمي

نحن قادة الدول الامبريالية والكولونيالية الاستعمارية نعتذر بكل خشوع ونية صادقة لكل الشعوب المستعمرة التي حكمناها عما جنيناه عليها في اعطائها الاستقلال ومنحها السيادة والسدادة، والريادة والوفادة، وتسليم رقاب ابنائها وبناتها، لهذه الزمرة من الانتهازيين والقتلة والسفاكين. وما كنا والله بفاعلين ذلك لولا طلبكم الملحاح واصراركم البحاح على ادارة ما لا تفهمونه او تحسنونه، ومقاتلة من تعرفونه ولا تعرفونه، وتبديد كل ما تملكونه وتستعطونه.

ونعتذر اليكم بقلوب صادقة صافية عن جهلنا التام بحقيقة تراثكم وتاريخكم ومنبتكم فحاولنا ونحن في غمرة جهلنا وسذاجتنا وجهالتنا ان نعلمكم وننوركم بمعطيات العلوم وروائع الفنون ومنجزات التقنية ومآثر المدنية وفضائل الدمقراطية بدلا مما عرفته البشرية عنكم وبه اشتهرتم من خرافات وخزعبلات وترهات، فارتدت محاولتنا الى نحورنا وانقلبت الطنجرة على طبابيخنا فتمثلنا بمأثوراتكم واسشهدنا بآياتكم، ورددنا فقلنا لا حول ولا قوة الا بالله.

نعتذر عن كل ذلك ونضيف فنقول، ونكرر بوجول فنأسف ونعترف بمسؤولية كاملة شاملة عن اعطائكم عوائد ثرواتكم وثمرات دخولكم التي استعملتموها ووظفتموها بدون اي استحياء او استرواء في تقتيل بعضكم البعض وتسليط مجانينكم على عقلائكم، وتدمير كل ما تركه لكم السلف من ثراء وخلف.

وكان من جرائمنا وسوء فعلنا وخطل رأينا ان كشفنا عن آثاركم ومخلفات تاريخكم وكنائز بلادكم واحطناكم علما بتفاصيلها، وبمواقعها ومدلولاتها، وفككنا لكم لغتها وطلاسمها، وارشدناكم الى اماكنها ومحافرها مما اسفر عن قيامكم بنسفها وتدميرها ونهبها وبيعها بأبخس الأثمان، لكائن من كان في أي زمان ومكان، نعتذر ونقول، صادقين وخاشعين، يا ليتنا تركناها ترك الميت تحت التراب، من هذا اليوم ليوم الحساب.

يا ابناء العالم المتخلف، يا من حرمتم من كل معرفة وشقيتم بأسوأ تجربة وابتليتم بأسوأ المثقفين وأخبث المهنيين وأحط الثوريين والانقلابيين نستميحكم عذرا وننتظر صفحكم وغفرانكم لنا عما تركناكم به من سوء المنقلب وبخسناكم به من استقلال افلج وسلطان اعوج ودكتاتوريات عمياء وحريات عرجاء وسيادة هوجاء واعتلال بكل سقم وداء. اعذرونا واغفروا لنا واصفحوا عنا، يغفر الله لكم غروركم وضلالكم وجاهليتكم.