إعادة إعمار.. مرة ثانية !

TT

يبدو أن عنوان المرحلة القادمة في لبنان هو إعادة الإعمار. فالمشاهد الإخبارية توضح أن حجم الدمار مهول، وأن المطلوب كبير جدا في ما يتعلق بإعادة الإعمار. الجنوب بأكمله قد تم تدميره، الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية تم سحقها بشكل مذهل، سهل البقاع لم يسلم هو الآخر من الأذى ودمرت الكثير من قراه. جميع الجسور، كل الطرق الحدودية، ومدرجات مطار بيروت الجوي دمرت بالكامل هي الأخرى. محال تجارية، محطات كهرباء، مواسير ضخ مياه، ومستشفيات ومدارس. الحديث، وهو بدون مبالغة، هو عن تدمير مقنن للبنية التحية الأساسية للبلاد. هناك حراك ايجابي لنجدة لبنان والبدء في خطة عقلانية (لا عاطفية فقط) لإعادة إعمار هذا البلد. وليست هذه المرة الأولى التي يرى فيها لبنان هذا الاهتمام بشأن إعادة إعماره، فلقد لقي التجاوب بعد حربه الأهلية التي دامت أكثر من عقدين، وبعد انقشاع دمار المعارك تقدم السعوديون جهد إعادة الإعمار، وكانت نتائج هذا الجهد نجاحا منقطعا النظير أعيد فيه الأمل عن طريق قلب العاصمة. واليوم من جديد تتصدر السعودية المجهود الموجه لإعادة الإعمار بالتزام مالي قياسي يتبعها في ذلك الكويت ثم النرويج وبريطانيا. وكعكة إعادة الإعمار مغرية لتحقيق عدد غير بسيط من المكاسب السياسية وتسجيل «نقاط» في سباق النفوذ على لبنان. احتياج لبنان المتعلق بإعادة الإعمار واضح ومطلوب أن يقدم من دون قيود أو شروط . البلد خسر ما يقارب الثلاثين في المائة من دخله القومي، اقتصاده أصابه الشلل. عشرات الآلاف من مواطنيه فقدوا منازلهم، وفقدوا مصادر دخلهم أيضا. أولوية الحراك مطلوب توجيهها لإعادة إسكان من شردوا بسبب تحطيم ديارهم جراء الاعتداء الإسرائيلي، فالوضع الإنساني، والخوف على لبنان هو أن يتم «تسييس» مسيرة إعادة الإعمار، والتشكيك في النوايا، وتحليل الأغراض كما تشير الى ذلك بعض التصريحات وبعض التعليقات. العالم يتعامل مع وضع إنساني دقيق جدا، حجم الخسارة مهول وتم في وقت قياسي للغاية، وأي مجال «لاستغلال» ذلك هو بمثابة نثر الملح على الجرح المفتوح والإساءة الأكبر للوضع المتفاقم أصلا. إعادة الإعمار «كعكة» مغرية لمن لديه أجندة غير منتهية في الداخل اللبناني، والبلد في وضع لا يسمح بتلقي وصايا أو شروط جديدة، إنها فرصة لالتقاط الانفاس وتنقية النفوس. فإعادة إعمار لبنان تحمل المعنى المعنوي بالاضافة للمعنى المادي.

[email protected]