سباق الدولارات الساذج في لبنان ( 1-2)

TT

يدور تنظير سياسي ينصح بمسابقة «حزب الله» على أبواب شيعة لبنان. يقول بضرورة تقديم العون الأساسي لهم على اعتبارهم أكثر من تضرر في حرب لبنان، في الجنوب وضاحية بيروت، حتى لا يصبح «حزب الله» هو الحكومة والمرجع العاطفي، والاقتصادي، والسياسي، لأربعين في المائة من اللبنانيين.

ودخلت الحكومة بالفعل في جدل حول من المسؤول عن مد يد المساعدة، وتسابقت الحكومات الخليجية في المنطقة تعلن متطوعة، دون ضغوط دولية، عن ضخ أموال إسعافية طارئة، وبعضها تحدث بشهامة عن بناء مدن دمرت، وآخر اعلن عن مبالغ لم يسبق ان منح مثلها لأي بلد منكوب في العالم من قبل. حتى الرئيس الاميركي جورج بوش سارع الى تقديم 230 مليون دولار، والدول الغربية الأخرى تدرس مساعدات بمليار دولار. كما تعجل اثنان من معهد بروكنغز الاميركي، كارلس باسكال ومارتن اندك، فاقترحا ستة مبادئ كلها معونات للبنان، هدفها مسابقة «حزب الله» على الإعمار وتضميد الجراح.

فهل نحن بصدد تفكير ساذج في معالجة النكبة اللبنانية؟

قطعا نعم.

المشكلة اللبنانية في أساسها ليست مالية بقدر ما هي سياسية. الدليل ان عشر سنين من الإعمار دفعت خلالها مليارات الدولارات بنت مطار بيروت وميناءه وطرقه السريعة وجسوره ومحطاته الكهربائية والعديد من مدارسه ومستشفياته من قبل مانحين خليجيين وأوروبيين، نفذت استجابة لحملة مناشدة وتبرعات قادها آنذاك رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري. ثم ماذا؟ النتيجة ان معظمها دمر في الحرب الأخيرة مع إسرائيل. في ثلاثين يوما من الحرب تبخرت أموال ضخمة جمعت في عقد.

ايضا الاعتقاد الساذج الثاني يقول إن الحكومة عندما تسابق «حزب الله» وتدفع اثني عشر الف دولار لكل صاحب بيت متضرر، ستجني من وراءه ولاء المواطن الشيعي. فشبكة «حزب الله» الاجتماعية داخل ما تعتبره مناطقها أكبر من قدرة الحكومة على تفكيكها بحفنة دولارات. الذي سيحدث ان «حزب الله» الذي سيتحصل على مائتي مليون دولار شريفة ونظيفة من إيران، بحسب تعبير أمين عام الحزب، ومخصصة للمتضررين، سيوفرها لتعزيز الحزب عسكريا وبشريا واجتماعيا. وهنا تمول الحكومتان اللبنانية والإيرانية «حزب الله».

دعوا «حزب الله» يتحمل مسؤوليته المالية التي أعلن عن تحملها من قبل، والتي هي مستحقة عليه، كونه من بدأ الأزمة بخطف جنديين من أجل إطلاق سراح ثلاثة لبنانيين، فتسبب في مقتل أكثر من ألف انسان وتدمير آلاف البيوت. دعوا إيران تتحمل مسؤوليتها لأنها من وجه بتنفيذ العملية وورط «حزب الله» ولبنان في المأساة الانسانية والكارثة الاقتصادية.

إن الداعين لمنافسة «حزب الله» على التعمير، هم في حقيقة الأمر ينافسونه في التدمير بإعفائه من واجبه الذي تعهد به، ولا يجوز إعفاؤه إلا في حالة واحدة؛ وهي ان يعلن الحزب عن تخليه عن سلاحه وتحوله للعمل السياسي فقط، وهذا أمر كما نراه بعيد المنال.