نهاية ثورة بوش

TT

كتب فيليب غوردون مقالا بمجلة «شؤون دولية» Foreign Affairs رقم 84 (يوليو وأغسطس) ناقش فيه نهاية ثورة بوش وقارن بين فترتي رئاسته. «اشارت نتائج استطلاعات الرأي عند سقوط بغداد ربيع عام 2003 الى ان ما يزيد على 70 بالمائة من الاميركيين يؤيدون الحرب، بينما اشارت نتائج استطلاعات للرأي مطلع العام الجاري الى ان غالبية الاميركيين ترى ان الحرب كانت خطأ». طبقا لنتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة بيو خلال الفترة بين 2002 و2005 تراجعت نسبة المؤيدين للولايات المتحدة: 63-59 بالمائة في كندا، 61-43 بالمائة في فرنسا، 61-42 بالمائة في ألمانيا، 61-38 بالمائة في اندونيسيا، 25-21 بالمائة في الاردن، 79-62 بالمائة في بولندا، 61-52 بالمائة في روسيا، 30-23 بالمائة في تركيا، 75-55 بالمائة في المملكة المتحدة. «تسلم بوش الحكم عام 2001 وورث فائضا في الميزانية السنوية يزيد على 200 مليار دولار، إلا ان ميزانية أميركا لعام 2006 تضمنت عجزا سنويا يزيد على 400 مليار، كما ازداد الدين القومي الى اكثر من 88 ترليون والزيادة مستمرة... شهدت الفترة الثانية لإدارة بوش تغيير الشخصيات الرئيسية مثل وولفويتز وفيث وبولتون، الذين كانوا من ركائز ادارته، الآن نرى روبرت زوليك ونيكولاس بيرنز وكريستوفر هيل. مضت خمس سنوات على هجمات 11 سبتمبر وازداد الارهاب، ولا يزال اسامة بن لادن يبعث رسائله. قال بوش: «اريد اسامة بن لادن حيا او ميتا»، هذا بن لادن الذي نظم «القاعدة» ويحارب الجيش الامريكي في العراق وأفغانستان وأماكن اخرى. فقد بوش حلفاءه المقربين في اسبانيا وإيطاليا، ومؤيده الرئيسي بلير في موقف معقد، ويسأل اصدقاؤه كل يوم عن وقت مغادرته لـ10 داونينغ ستريت. تحدث جو سكاربارا في برنامج خاص بثته قناة «ام اس ان بي سي» حول نمط عقلية بوش، ونشرت القصة صحيفة «واشنطن بوست»: «يحاصر مقدم البرنامج على مدى 10 دقائق ضيفه بالسؤال حول ما اذا كان ضعف بوش العقلي يلحق ضررا بمصداقية أميركا في الداخل والخارج. ولمدة عشر دقائق يظهر اسفل الشاشة السؤال: «هل جورج بوش غبي؟».

أرقام شعبية بوش في الثلاثينات والمرشحون الجمهوريون ينأون بأنفسهم مع اقتراب الانتخابات، وليبرمان رمز هزيمة لكل المرشحين. بالإضافة الى النقاط المذكورة ينتقد بعض المحافظين الجدد البارزين مثل فوكوياما ادارة بوش، وآخرون من وجهة نظر التطرف يقفون ضد بوش لكنهم يعتقدون ان يكون بوش اكثر قوة وسرعة. إذا أخذنا في الاعتبار هذه النقاط، هل ستحارب أميركا ايران؟ بعض المحللين يعتقد ان الوضع معقد الى حد كبير، الى درجة لا تسمح بفتح جبهة جديدة، أنا اعتقد العكس، عندما تواجه الولايات المتحدة صعوبات تستخدم القوة في نهاية الامر كهوية اميركية حقيقية، عندما نشاهد الجمع بين عاملين: الشعور بالتعرض للمخاطر والشعور بالقوة، يجب ان نفكر حول السلوك الاميركي.

من الواضح تماما ان إيران ليست العراق، إيران دولة اخرى، فيها اكثر من 70 مليون نسمة ولديها تجربة فريدة في القتال مع الجيش العراقي. عندما نقارن أميركا مع ايران يمكن ان اقول ان هذه المواجهة ستظل كما هي، كنزاع بين اسرائيل و«حزب الله». التدمير سهل، اسرائيل دمرت لبنان، بوسع اميركا قصف مؤسسات صناعية ايرانية لكنها لن تستطيع تغيير النظام الايراني، الحرب ضد ايران ستوحد كل الايرانيين وستجمع ايران سويا شعبا وحكومة، بالطبع هناك بعض الايرانيين الذين سينتقدون حكومتهم، ولكن هذه شؤون داخلية، في مواجهة العدوان الاميركي سيقف كل الايرانيين في جبهة واحدة وسيتخذون موقفا واحدا، حتى كل الاقليات مثل الأكراد والعرب.

يبدو أن ايران لغز معقد، من الذي يمكنه أن يتشاور مع بوش ويبلغه بواقع ايران؟ نشر كيسنجر في الآونة الاخيرة مقالا في «واشنطن بوست» بتاريخ 31 يوليو (تموز) 2006 تحت عنوان الخطوة التالية مع ايران.

اعتقد ان كيسنجر يعرف افضل من أي شخص آخر ان لدى ايران قدرة على ان تصبح فيتنام المقبلة، بعد قرابة اربعين عاما من النزاع الفيتنامي مع الجيش الاميركي، ايران اقوى من فيتنام، حالة «حزب الله» حرب مصغرة واجهتها أميركا وإسرائيل. لهذا السبب بعض الاميركيين المتشددين مثل جينجريتش يتحدث حول حرب عالمية جديدة، الحرب العالمية الثالثة او الرابعة. البداية امر سهل، ولكن وضع كل شيء تحت السيطرة امر صعب. سنشهد الشرق الاوسط الجديد، الذي من المحتمل ان تكون فيه الولايات المتحدة سيدة المنطقة، او الشرق الاوسط الجديد بدون اميركا، ونتساءل: هل هناك سبيل آخر، بين الأبيض والأسود؟