11 سبتمبر: شواهد حية تنبئ بدمار قادم..!

TT

يمكن القول إن كل الصحف الأميركية غطت الذكرى الخامسة لهجمات 11 سبتمبر، لكن مواقع على الانترنت المرتبطة بعدد من منظّري «الجهاد» الكبار بمن فيهم محمد المقدسي وسليمان العلوان ظلت صامتة. وهذا أمر يجب ألا يدهشنا، لأن التيار السلفي في الإسلام، الذي ينتمي إليه معظم الجهاديين يحظر إحياء ذكرى أي مناسبة.

فباستثناء الاحتفال بعطلة عيدي الفطر والأضحى، تعتبر الاحتفالات الأخرى تبنيا يستحق الشجب لأساليب تعود لغير المسلمين. والأكثر من ذلك يستخدم «الجهاديون» عادة التقويم القمري، الذي يجعل الحادي عشر من سبتمبر يقع في يوم 19 يوليو.

لعل الأكثر إثارة للانتباه هو أنه في هذه السنة، قام عدد من المواقع بالإنترنت المحسوبة على القاعدة بتغطية الذكرى وهذا بالتأكيد لأنها تعرف أن الأميركيين سيُحيون هذه الذكرى. وظل أسامة بن لادن ومساعدوه يشيرون إلى هجمات 11 سبتمبر تحت اسم «هجمات على مانهاتن» أو «غزوة مانهاتن» أو «هجمات جمادى» الشهر القمري، الذي وقعت فيه. لكن في هذه السنة أشار عدد من مواقع الانترنت الخاصة بـ«الجهاديين» إليها باعتبارها هجمات 11 سبتمبر.

كانت هناك رسائل أول من أمس موجهة خصيصا للاستهلاك الغربي، وتهدف إلى تذكير الولايات المتحدة بأن القاعدة ما زالت فعالة، وتخطط لهجمات في المستقبل، بل وحتى عبر لصق صور مزخرفة بعبارات تهديد في الإنجليزية. وما يتلوها نصوص مقتطعة بعد ترجمتها من العربية، من نصوص منشورة على مواقع «الجهاديين» بالانترنت حول المناسبة.

* والى ذلك نشر موقع «جهادي» ذو صلة بالقاعدة، نصا تحت أعلام أميركية وإسرائيلية ودنماركية ويتقاطع النص مع رسوم كارتون مع ماركات لشركات أميركية، بما فيها صف من المصلين المسلمين وهم يرتدون ملابس شبيهة بزجاجات كوكا كولا: بعون الله وعونكم، لنجعل هذه الذكرى الخامسة لأحداث 11 سبتمبر بداية لمقاطعة كل المنتجات الصهيونية والأميركية، التي تباع في الدول العربية والمسلمة. والكثير من الناس مستمرون في شراء هذه المنتجات على الرغم من أنهم يشاهدون ويسمعون القتل والتعذيب والتدمير، الذي يواجهه المسلمون بسبب الحرب الصليبية الصهيونية الأميركية. لنقاطع هذه المنتجات، لأننا لا نحتاج إليها وهي لا تعتبر احتياجات مطلقة. وهذه هي قائمة بأسماء الشركات والمنتجات التي يجب مقاطعتها: كوكا ـ كولا، بركتور أند غامبل، مارس، ماكدونالدز.. كلمة «ببسي» تعني «ادفع كل فلس لإنقاذ إسرائيل».

وهذه اصداء لبعض هذه الاصوات :

* أنا ضد أميركا، حتى ولو قادت هذه الحياة إلى جنة.

* أنا ضد أميركا، حتى ولو أصدر المفتي فتوى لصالحها من داخل الكعبة المشرفة.

* أنا مع أسامة، بغض النظر عن أين يقيم الآن، طالما أنه يرفع راية القتال.

* أنا مع أسامة، بغض النظر عما إذا حقق انتصارا سريعا أو أنه سيلتحق بقوافل الشهداء.

* وتدعو رسالة وجهت الى موقع القاعدة على شبكة الانترنت القراء الى التوقيع على البيان التالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم.. صباح الاثنين يصادف الذكرى الخامسة للهجمات التي شنها أبطال الأمة الإسلامية الـ19 على نيويورك وواشنطن ـ ألا رحمهم الله وأثابهم على تضحياتهم. إنهم مرغوا أنف أميركا في الأرض وأتاحوا للعالم فرصة مشاهدة تدمير صرحيها الاقتصادي والعسكري. إنهم بذلك حطموا الاسطورة التي روعت بها الولايات المتحدة العالم، خصوصا وانها اكبر قوة على الأرض، ولم يكن هناك من لديه قوة كافية لمواجهتها، دعك من جعلها عدوة...» وحتى باعتراف أعدائنا، ذلك اليوم غير العالم تماما وأوجد عالما منقسما الى معسكرين، وكما قال شيخنا اسامة بن لادن، حفظه الله: هناك معسكر الإيمان ومعسكر النفاق والكفر. اختاروا لأنفسكم أيها المسلمون وحددوا لأي معسكر تتبعون: معسكر الإيمان، حيث الاسلام والجهاد تحت راية المجاهدين، ام معسكر النفاق والكفر تحت راية اميركا والغرب الصليبي والمنافقين، الذين انضموا اليهم. تبريكاتنا للجميع، ونسأل الله ان يرينا في أميركا يوما أسود آخر، مثل تلك الثلاثاء المباركة».

كانت هناك مشاركة من شخص يطلق على نفسه أبو لجين في موقع سعودي معروف عنه نشره للمواد الجهادية، لكن هذا الموقع لا تسيطر عليه القاعدة. يحتوي النص الذي كتبه على صور بشعة لموتى وأطفال مشوهين. كتب المذكور أن أمام أعينه حجاب لا يجعله يرى الذين قتلوا في برجي مركز التجارة العالمي، ولا يتذكرهم في هذه اليوم، ويتساءل لماذا؟

ويجيب: «لأن موتاهم ليسوا أطهر من موتانا. ولأن دماء اخواننا المسلمين وإخوتي في فلسطين.. وفي العراق وأفغانستان وفي كل بقعة تراق فيه دماء المسلمين أعمى بصرى.. شبكيتي بها خطوط سوداء لا تجعلني أرى سوى شهدائنا وجرحانا، وهم يقتلون بأسلحة اميركا وبدعمها.. نعم 11 سبتمبر ذكرى انهيار الغرور الأميركي في مزبلة التاريخ والتمرد ضد الظلم».

حامد بن عبد الله العلي مؤيد كويتي لفكر الجهاد، والقاعدة كتب نصا مخصصا لذكرى 11 سبتمبر. أشار العلي الى مقال كتبه ليونارد بيكوف.

وفي مقالته «اقضوا على الدول التي تدعم الإرهاب»، توصل ليونارد بيكوف، وهو واحد من المنظرين الأساسيين للتطرف الأميركي، الى ان سياسة الاسترضاء نحو العالم الاسلامي أدت الى 11 سبتمبر. واضاف «لمدة 50 سنة تنازلت الادارات الاميركية عن حقوق الملكية الحقيقية لموارد النفط الاسلامية، الذي اكتشفوه وطوروا التقنية اللازمة لاستخراجه. والحل طبقا لبيكوف، هو ان تقضي الولايات المتحدة على الدول التي تدعم الارهاب بأكثر الأسلحة فتكا لديها.

هذا المقال وهو بعنوان «يوم غطى الدخان والغبار سماء نيويورك»، ظهر على موقع مرتبط بالقاعدة على الانترنت:

يا له من صباح جميل هذا اليوم، صباح رائع عندما نشاهد هذه القوة وهي تترنح في كل مكان، كما لو كانت رأس حيوان ذبيح.

يعتقد البعض انه لو غادر بوش لتحسن الوضع، واصبح مستقرا. ولكن الحقيقة الخالدة، هي عدم وجود فرق بين بوش ومن سبقه، ومن سيخلفه، لسبب في غاية البساطة: التناسخ صفة راسخة للشخصية الرئاسية الاميركية. فكل رئيس أميركي جديد هو نسخة تامة ممن سبقه.

لقد شاهد ثلاثة صبية تتراوح أعمارهم بين العاشرة والحادية عشرة، فيلم «يونايتد 93» في المسرح، صفقوا وعبروا عن الفرح، عندما ارتطمت الطائرة بالبرج، كما لو انهم يشاهدون هدفا في مباراة لكرة القدم. ما هو الذي يجعل ثلاثة صبية سعداء بهذه الطريقة بخصوص هذا الارتطام لدرجة التصفيق: اسأل نفسك، ايها الاميركي، ما الذي جعل 19 شابا يشاركون في مثل هذا العمل الاسطوري والاعجازي؟

طبيعيا، لن تهتم بالتحقيق، لأنك غير مهتم بالاسباب، وحتى اذا ما عثرت على الاجابة فلست قادرا علي استيعابها. وبالتالي لن يتغير أي شيء وستستمر قواتك في غزو اراضينا، لكي تعلمنا الدروس بخصوص فضائل الحرية الاميركية والوسائل المعروفة بنشرها، مثل الاساءة للقرآن، أو عندما يقف واحد من جنودكم بقدمه القذرة علي وجه سجين، بعدما وضع سلسلة معدنية مثل الكلاب حول رقبته، مثلما شاهدنا في ابو غريب.

وستشاهد مرة اخرى رجالا لامعين مثل خالد شيخ محمد ورمزي بن شيبه، ومصممين مثل محمد عطا، الذين شاهدناه وهو واثق يرتدي قميصه الازرق.. من يعلم، ربما نشهد يوما «عظيما» آخر.

* برنارد هايكل استاذ مساعد للدراسات الاسلامية في جامعة نيويورك، وهو مؤلف «البعث والاصلاح في الاسلام».

* سعود السرحان محلل مقيم في السعودية، متخصص في شؤون الجماعات الاسلامية

«خدمة: نيويورك تايمز»