عطشان يا صبايا دلوني على السبيل!

TT

ينفي مدير تحلية المياه بجدة المهندس محمد فرحان حدوث أي تغيير بالنقص أو الزيادة في الكمية التي تصب في جدة، والتي تتجاوز أكثر من 630 ألف متر مكعب يوميا، ويتهم الناس أو «بعض» الناس بإطلاق شائعات عن أزمة متوقعة، ومن ثم يلجأ المواطنون والمقيمون إلى محاولة تأمين كميات احتياطية، تحسبا للنقص وهو ما يوجد الزحام والفوضى.

بصراحة حاولت أن أصدق كلام المهندس فرحان بأن الأمور تسير على ما يرام، وأن ليست هناك أزمة مياه في جدة، وبذلت جهدي أن أتخيل أن الناس الذين يتجمعون بالآلاف يوميا أمام مركز توزيع المياه في عز الظهيرة وهم صائمون، إنما ذهبوا إلى هناك للاجتماع والتسلية و«طق الحنك»، لكنني لم أستطع أن ابتلع ذلك، فأنابيب المياه في البيوت منذ أسابيع تكركر فيها الرياح ويقطر من صنابيرها العدم، ثم أن الناس في جدة لا يمتلكون صهاريج سرية لتأمين كميات احتياطية من الماء، كما يقول المدير «فرحان»، فالماء لا يخبأ في خزانات الملابس وسطوح البيوت.

وكيف لي أن أصدق ما صرح به مدير التحلية لصحيفة «الوطن» عدد يوم الاثنين 25 سبتمبر الجاري، وثمة صحيفة أخرى هي «المدينة» تصدر في نفس اليوم بمانشيت رئيسي هو «60% عجز في مياه التحلية بجدة والمواطنون يلجأون للآبار»، وقد استمدت صحيفة «المدينة» هذه المعلومة من مسؤول في إدارة مشاريع المياه في جدة.

وحينما يصل العجز في المياه في أية مدينة إلى 60% فينبغي أن تدق كل أجراس الانتباه لتتجه كل الجهود، وتسخر كل الإمكانات لحل هذه المشكلة الخطيرة، فما بالكم إذا كانت هذه المدينة جدة، التي يقطنها 4 ملايين مواطن ومقيم، وتضم الكثير من الشركات والمؤسسات والمصالح الاقتصادية الكبرى؟!

أكتب هذه السطور وبين يدي كوبون يحمل الرقم «1094» في طابور انتظار شاحنات المياه من مركز التوزيع، وأترك لكم تخيل ما تبقى.. وليس صدفة أن تنطلق في مذياع الذاكرة في هذه اللحظة أغنية قديمة يقول مطلعها: «عطشان يا صبايا دلوني على السبيل».

باختصار.. إن سكان هذه المدينة في حاجة إلى اهتمام خاص لإنقاذهم ومدينتهم من هجمة التصحر، التي بدأت تهاجم أوقاتهم وراحتهم وطمأنينتهم، فبقاء الحال يعني الوصول إلى تخوم المحال.

[email protected]