وكان العقاد على حق!

TT

شكا أحد الفنانين من أن «الصحف» عندما تنشر كلاما عنه فإنها تضع علامة التعجب في نهاية السطر! وأن هذه العلامة تضايقه. لأن معناها أنه شيء مدهش أو شيء محير..

مثلا إذا قيل عاد فلان من لبنان ومعه ست شنط بها أسطوانات واحدة فيها اسطواناته هو. وعلامة التعجب بعد ذلك.. ويسألني ما معنى هذه العلامة. لا بد أنها للسخرية منه.. ولا يعرف لماذا يسخرون منه.. أليس من المألوف أن يأتي أي مطرب بأسطوانات له قد سجلت فى بيروت.. تماما كما يفعل أي مؤلف عندما يحمل معه نسخا من كتاب صدر له فى الخارج؟

وأذكر أن المرحوم العقاد غضب جدا عندما نشرت عنه الصحف أنه تقاضى مبلغ 200 جنيه عن حلقة فى برنامج «نجمك المفضل»، وعاتبني بشدة ولامني وحملني مسؤولية وضع علامة التعجب بعد المائتي جنيه. وقال العقاد: هل معنى ذلك أن الذي كتب الخبر يستكثر على رجل مثلي أن يتقاضى هذا المبلغ التافه.. مع أن التليفزيون يعطي راقصة مثل هذا المبلغ وأحيانا أكثر.. هل «أنتم» ترون أن رجلا مثل العقاد قرأ عشرات الألوف من الكتب وألف عشرات الكتب في خمسين عاما لا يستحق هذا المبلغ الذي أعطى قبل ذلك لطه حسين.. ثم ما هي مقاييس القيمة الإنسانية عندكم.. الخ.

والمرحوم أحمد حسن الزيات سألني أيضا عن السبب الذي من أجله نشرت الصحف أنه أعاد طبع كتبه.. وأن أحد كتبه قد طبع قبل ذلك 15 مرة ـ وعلامة تعجب!

وسألني المرحوم الزيات برقته المعروفة: هل ترون أن هذا الرقم قليل؟ فعلا قليل جدا لأنه كان في الإمكان طبعه عشرين مرة لولا أنني حريص.. ولذلك أشكركم على حسن الظن!

وليكن معلوما لدى كل الناس الطيبين ـ أي غير الصحفيين ـ أن علامات التعجب هذه لا تدل على أي معنى خاص.. وإنما هي عادة في الكتابة، وأن شكلها أجمل من شكل النقطة الواحدة.. أو النقطتين.. وأن علامات التعجب هذه لا توجد بهذا الإسراف إلا في الصحف المصرية وأنه من النادر جدا أن يجد الإنسان في الصحف الإنجليزية أو الفرنسية أو الإيطالية مثل هذه العلامات.. لماذا؟ لأن التعجب له معنى عند غيرنا.. أما نحن فنتعجب من الفاضي والمليان ـ أي أننا لا نتعجب لشيء؟!

وقديما قال أستاذنا العظيم أرسطو: إن التعجب بداية المعرفة.. فقط بداية ولكنه ليس المعرفة!

وقد وقفنا فقط عند البداية!