استرعى انتباهي مطولا البيان السوري الأخير، حول حادثة مهاجمة السفارة الأميركية في دمشق. ملخص البيان السوري يقول، إن المحرض «الفكري» سعودي، والسلاح جاء من لبنان! اذاً سورية تريد القول إنها ضحية الإرهاب السعودي والانفلات الأمني اللبناني!
فهل ينطلي هذا الكلام على المتابع؟ الإجابة ببساطة، لا! ويبدو أن السوريين بعيدون جدا عما يحدث على ارض الواقع. كما أن الاسطوانة المشروخة المتمثلة في محاولة إلصاق الإرهاب بالسعودية، لم يعد لها ذاك البريق، لان هناك أحداثا كثيرة على الأرض فرضت نفسها، ومن الواضح أن السوريين لم يتنبهوا لها. فيكفي التذكير بأن القنصلية الأميركية في مدينة جدة تعرضت لهجوم إرهابي، قبل اشهر، تابعناه ليس عبر مصادر الأجهزة الأمنية السعودية، مثل حالة دمشق، بل عبر أكثر من قناتين فضائيتين سعوديتين، وعلى الهواء! وليس من سمع كمن رأى!
وها نحن، اليوم، نشاهد الجرعة النقدية العالية في السعودية للنظام الاجتماعي والديني والاقتصادي، وعلى فضائيات سعودية.
وقبل أيام نشرنا تفاصيل الجدل، بل قل الخلاف، الذي دار داخل أروقة مجلس الشورى السعودي، حول الجمعيات الخيرية وطبيعة عملها وسبل مراقبتها. هذا عدا ما ينشر في الصحافة السعودية من قضايا جدلية حساسة، وللأمانة أسأل: هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا! فما زلنا نأمل في المزيد من الحراك والإصلاح. وهذا كله عكس ما يحدث في دمشق، من جمود وتراجع واستمرار في القراءات الخاطئة.
فالبيان السوري لم ينتبه إلى أن الجدل حول السعودية الآن لم يعد حول دائرة الإرهاب أو التحريض، بقدر ما هو جدل حول سرعة عجلة الإصلاح. ومن هنا يتضح أن الإسقاط السوري كان ينفع بعد 11 سبتمبر مباشرة وليس اليوم في عام 2006.
أما إقحام اسم لبنان، فيكفي أن نذكر أن المعركة اليوم في لبنان هي من اجل عدم تعطيل تشكيل محكمة اغتيال الحريري، التي من ضمنها اغتيالات ومحاولات اغتيال عديدة، وكذلك عدم التدخل في شؤون لبنان وضمان سلامة حدوده. وبالطبع فإن المعنيين بذلك هم السوريون أكثر من غيرهم، من حيث التوقف عن دعم «حزب الله» وزعيمه، وعدم تعميق النفوذ الإيراني في بيروت.
بيان سورية، الذي يشبه شريط أبو عدس، ينطبق عليه القول العربي الشهير: رمتني بدائها وانسلت!