معارك انتقائية لا يستفيد منها المجتمع

TT

بعض الاصوات المرتابة دائما والموجودة في المجتمع السعودي تختار من حين لآخر افتعال المعارك الوهمية لاثبات وجودها ورفع صوتها على الساحة المحلية. ولعل من أمثلة ذلك «معركة» هذه الاصوات ضد وزير العمل الدكتور غازي القصيبي حتى لا يتم السماح للمرأة بتطوير قدراتها ومساحتها في سوق العمل، عبر التحريض ضد الوزير، ونشر الدعاية الدينية تجاهه (علما، وحسب ما اعرف أنه لا يوجد نص قاطع واضح من الكتاب، ولا من السنة المطهرة، يقف ضد عمل المرأة، إضافة الى إجماع الغالبية العظمى من العلماء الثقات الأجلاء على جواز ذلك). وكذلك قررت هذه القوى مهاجمة وزير الاعلام ونعته بأشنع الصفات واتهامه بأسوأ التهم، كل ذلك لأن هناك طرحا مغايرا، وفي نفس الوقت يتمتع بالحس الوطني، يمارس في وسائل الاعلام السعودية حاليا، وبات سقف الحرية والنقاش في الاعلام السعودي ارفع من ذي قبل.

والآن تفتح هذه القوى، نفسها، جبهة جديدة على بعض الكتاب والمثقفين من خلال التشكيك في سلامة عقيدتهم وصلاح دينهم، اضافة الى التشكيك في ولائهم الوطني وانتمائهم للبلاد، وأنهم عملاء لدول أخرى. كل ذلك يتم تحت عباءة الدين المناسبة وحماية المجتمع وصلاحه. وهذا في الواقع وهم كبير، إذ لم تقم هذه القوى في يوم بالتطرق لأزمة المياه مثلا بنفس الحماس الذي تقدمه لغطاء وجه المرأة على سبيل المثال، ولم تبرز هذه القوى اهتماما بقضية التفريق القضائي بين الازواج بحجة عدم التكافؤ في الانساب، وهي التي تخالف صراحة شرع الله ودينه الحنيف، وغير ذلك من الأمثلة المختلفة التي توضح بلا شك أن المعارك «الانتقائية» التي تقدم عليها قوى التطرف هي لمآرب أخرى ولحاجة في النفس وليس بالضرورة الصالح العالم ولا المصلحة العليا. وطبعا كانت لهذه القوى صولاتها وجولاتها الغريبة في موضوع تطوير المناهج واصلاحها وهو ما تخطى ضرورة المطالبة بذلك الى حيوية حصول ذلك، فلا ينكر أحد مشكلات وعيوب المناهج التعليمية.

صراع التطوير والاصلاح من جهة والتخلف والتشدد من جهة أخرى (وهو هكذا، فمن المهم تسمية الأمور بأسمائها بدون مجاملة) بتشنج بسبب اعتبار من يطالب بالاصلاح والتطوير أنه فاسق وخارج من الدين، وأن من ينادي بالتخلف والتشدد هو حامي الدين، وهذا مفهوم مضلل، آن أوان توضيحه وإزالة الشبهات عنه. هذا الجدل المخادع تدفع ثمنه أجيال بأكملها، بسبب معارك انتقائية لا يستفيد منها الوطن ولا يتطور بها المجتمع.

[email protected]