أنف بلا إمبراطورية

TT

يخيل اليّ ان أنفي كان دائما كبيرا بين الأنوف، حتى ضمن اللجوء الى نظرية النسبية، اي أن يقال لك من باب التعزية، ان الوجه الكبير في حاجة الى أنف كبير، وكان اصحاب النخوة كثيرين. منهم من يقول إن ديغول كان كبير الأنف. ومنهم من يتبرع بأن ذوي العقول لهم دائما أنوف كبيرة، ولكن لا براهين ولا أدلة، وكان هناك اجماع بأن الأنف الكبير والمعكوف ـ مثلما أحمل ـ هو في نهاية الأمر الأنف الروماني.

وكدت أجد عزاء كبيرا في هذا الشرح لولا انني اكتشفت ان ليس لي من الامبراطورية الرومانية سوى الانف اعلاه، أو الانف الآنف الذكر. وفيما كدت اصدق حكاية الأنف الروماني ويوليوس قيصر وانطونيو انا وانا انطونيو، اكتشفت عندما تعرفت الى وزير الاعلام الكويتي السابق العزيز يوسف السميط، انني اقرب اليه شبها مني الى عاشق كليوباترة ويقع انفي في الجغرافيا الخياشمية، بين انف يوسف السميط المتمادي في خط العرض وبين انف النائب اللبناني أوغست باخوس المتمادي في خط الطول.

وهناك انف وزير الخارجية اللبنانية السابق ايلي سالم، ويقع على خط الاستواء.

لم يطل يوسف السميط البقاء في وزارة الاعلام في الكويت، واعتقد، غير جازم، او بالأحرى ويخيل اليّ أو يتزاول لي، ان رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد سوف يلغي هذه الحقيبة ويدمجها في وزارة الريّ. فلا تكاد ترسل برقية تهنئة الى وزير للاعلام حتى يستجوب في اليوم التالي ويستقيل في اليوم الذي يليه. وتراوح مدة بقاء وزير الاعلام بين هجرة البط في فصل الصيف وهجرة اسراب مالك الحزين (وقد سمي كذلك لأنفه) في الشتاء. وقد تخليت عن عادة ارسال البرقيات الى معارفي أو اصدقائي من الوزراء منذ سنوات. وكان الوزير الشيخ سعود الناصر قد استقبلني مرة باعطائي محاضرة عن عظمة الصحف الغربية وضآلة الصحافة العربية، التي اوضح انه لا يضيع الوقت في قراءتها. وشعرت يومها ان الشيخ سعود يجب ان يكون وزيرا للاعلام في بريطانيا أو اميركا أو ايطاليا. لكنها جميعا ألغت هذه الوزارة للأسف. وبعد ايام اضطر الوزير الى الاستقالة بناء لاستجواب حول كتب في معرض. وبدل ان أشعر بشيء من الرضا شعرت بالكثير من الخيبة. لقد كان الاستجواب مضحكا والاستقالة درامية. وكرت من بعده سلسلة الاستجوابات وسلسلة الاستقالات. ويخيل اليَّ ان المعارضة الكويتية منصرفة بكليتها الى قضيتين قوميتين: الأولى حسب الأهمية الاستراتيجية، حفلات نانسي عجرم وأجر نجوى كرم، والثانية اسقاط وزير الاعلام قبل ان يعتاد على لقب معالي الوزير. وكانت اقصر مدة قضاها وزير في لبنان عشرة أيام، لكن وزيرا آخر سرق الرقم وارسله الى كتاب غينيس، ممضيا تسعة أيام على كرسي المعالي. وكان ذلك وقفا على اللبنانيين، لكن المصريين استطابوا هذه التسمية واضافوها الى «الباشا» و«البيه» و«الباش مهندس»، وعندما تدخل الآن اي مطعم أو تترجل من السيارة أمام أي فندق، ثمة من يسرع نحوك مرحبا مهللا ممتلئا بأنوارك البراقة: نورت مصر معاليك. ومعاليك تعني جنابك. حاذر ان تخطئ.