الصحافة السعودية

TT

للصحافة السعودية مشوارها ورجالها وتجربتها مهما تعددت زوايا الرؤية إليها، أو تباينت أحكام الناس لها أو عليها، فثمة منجزات تحققت، وثمة طموحات تعثرت، حالها حال غيرها من التجارب الصحافية العربية، وإن كان لا يمكن إغفال أن هذه الصحافة قد شهدت تطورا كبيرا في صناعتها، وتقنيات طباعتها، وإمكانات بعض مؤسساتها، لكن أبرز ما يلاحظه المتابع لهذه الصحافة غياب التجديد في قياداتها الوظيفية، فالتغيير في مناصب رؤساء التحرير كمثال يتسم بالبطء الشديد، ولهذا الأسلوب مناصروه ومعارضوه في شارع الصحافة، ولكل فريق مبرراته وقناعاته، فالذين يناصرون هذا الأسلوب يرون أنه يوفر الاستقرار للمؤسسات الصحافية، ويستشهدون بحالات من النجاح المادي والمهني تعيشها بعض هذه المؤسسات، والذين يعارضونه يرون أن استمرار أشخاص لعقود في نفس مواقعهم الصحافية يحرم هذه المواقع القيادية من وصول كفاءات مهنية أخرى تحلم بالتجديد والتغيير وإثبات الذات.

وبالأمس ودعت الصحافة السعودية ـ بالاستقالة ـ واحدا من أبرز قياداتها الصحافية، هو هاشم عبده هاشم بعد 27 سنة من رئاسته لتحرير صحيفة «عكاظ»، استطاع خلالها أن يحفظ لصحيفته موقعا مميزا ضمن كوكبة المقدمة، وهو إذ يستقيل اليوم فإنه يمكن له أن يفخر بمجد مهني ثري، لا يختلف حوله حتى خصومه.. وبكل ما يستحقه هاشم من إشادة فإنني أكبر فيه إقدامه على الاستقالة من موقع صحافي يتيح لشاغله الكثير من الحضور والعديد من المميزات.. كما احترم جرأته على تطويع النفس كي ترحل من مكان ألفته على مدى ثلاثة عقود، خاصة أن من سمات النفس أن تألف ما اعتادت، وأن تعتاد ما ألفت، فلا يجبرها على التخلي عن ألفتها، ولا أن تفطم من ضرع عادتها، سوى قناعة موقنة بصواب قرارها.

ويبقى المنجز المؤجل لهذا الرجل متمثلا في ما سيؤول إليه أمر هذه الصحيفة بعد رحيله، إذ يفترض أن يندرج ضمن مسؤولياته في قيادة هذه الصحيفة على مدى 27 سنة إعداد بعض من كوادرها لتحمل مسؤولية استمرار هذا التميز، فنحو ثلاثة عقود تعتبر أكثر من كافية لإرساء مناخ مهني مؤسساتي لا يتأثر برحيل أحد، حتى لو كان هذا الراحل هاشم عبده هاشم بكل ثقله المهني..

ولـ«عكاظ» أمنيات باستمرار التفوق والتميز، وللصديق هاشم إعجاب دائم ومتصل.

[email protected]