التفريق بين الزوجين لعدم الكفاءة في النسب

TT

لم ينشغل الرأي العام السعودي في الفترة الأخيرة بقضية اجتماعية بقدر ما شغلته قضية التفريق بين زوجين لعدم الكفاءة في النسب بعد إنجابهما لطفلين، ورغبتهما في استمرار الحياة الزوجية. وقد أيدت محكمة الاستئناف في الرياض قبل أيام الحكم الصادر من محكمة الجوف بالتفريق بين الزوجين.. وبحسب محامي الدفاع عبد الرحمن اللاحم فإن ذلك يعني إغلاق القضية بشكل نهائي فيما يتعلق بالجانب القضائي ما لم تستجد وقائع جديدة ومنتجة بالقضية.

ولست هنا بصدد مناقشة الحكم القضائي، ولا المضي في سياقات رؤية الدفاع المتباينة، فثمة احترام كامل لأحكام القضاء وثقة به، ولكن ما أرغب في طرحه مرتبطا بهذه المسألة يتعلق بضرورة تثقيف الناس حول كفاءة النسب في الزواج قبل أن يجد البعض نفسه متورطا في نفس المصير الذي آل إليه مصيرا فاطمة ومنصور، فثمة شريحة كبيرة من الناس تتزوج من دون أن يكون في حسبانها ـ جهلا ـ هذا الشأن، الأمر الذي يمكن أن يهدد حياتها الأسرية في أية لحظة يحتج فيها أحد أفراد أسرة الزوجة على نسب الزوج. وأزعم أنني حضرت ـ طوال عمري ـ الكثير من عقود النكاح لكنني لا أتذكر مأذونا شرعيا واحدا أثار هذه المسألة بسؤال العريس عن نسبه قبل إتمام العقد، وكان حريا به أن يفعل طالما أن هذه المسألة لها هذه الدرجة من الاعتبار، ويمكن أن تهدد حياة العروسين الأسرية في أية لحظة مستقبلية.

وعليه فإن المؤسسات التربوية والدينية في البلاد ملزمة اجتماعيا بتثقيف المجتمع بصورة أعمق، فليس أدل على جهل شريحة كبيرة بجواز التفريق لعدم كفاءة النسب ما أثارته هذه القضية من جدل اجتماعي لم يقتصر على العامة ولكنه امتد إلى شريحة من الكتاب والمثقفين والمحامين، وفي مقدمتهم محامي الدفاع الذي أصدر بيانا بعد صدور الحكم من محكمة الاستئناف يعبر فيه عن استمرار تمسكه بموقفه حيال الحكم الصادر.

ولعل من واجب مؤسساتنا الإعلامية أيضا التي قدمت هذه القضية إلى الرأي العام أن تواكب الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بلقاءات مكثفة مع عدد من الفقهاء والعلماء حول هذه المسألة وغيرها، فلقد كشفت هذه القضية أن ثمة أشياء كثيرة نفتقر إلى معرفتها كمجتمع قبل أن نخوض في جدل القضايا مع الخائضين.

[email protected]