عقد الماس (الفالصو)

TT

قبل أسبوع استيقظت من نومي صباحاً، وأنا بكامل نشاطي وتفاؤلي، وبعد أن تناولت ما تيسّر لي من (سدّ الحنك)، نزلت إلى مكتبي بالطابق الأرضي، وألقيت نظرة متعجلة عليه، وخرجت منه هارباً مثلما كنت أهرب أحياناً من المدرسة عندما كنت صغيراً.

وصمّمت على أن أتم مشروعاً أريد تنفيذه، غير أنني ما فتئت أؤجله يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وفعلاً امتطيت صديقتي (سيارتي)، وانطلقت إلى معرض لبيع السجاد، حيث أنني أريد أن اشتري سجادة، واستقبلني البائع بترحيب شديد، وصافحني بحرارة وعينه مركّزة على جيبي، وأخذ يستفسر عن مطالبي ومواصفات السجادة التي أريدها، وعندما ذكرتها له، أخذ ينادي على العامل لكي يفرد أمامي مجموعة مختارة، وكلما فرد أو فرش واحدة منها، لم ترقني او تعجبني، إلى أن انتهى منها جميعاً، فعرف البائع وقتها أن ذوقي صعب، لكنه لم ييأس فقال لي: ما رأيك أن تذهب لفرعنا الآخر، فأنا متأكد أنك سوف تجد بغيتك هناك. ولما ذكر لي موقع فرعهم فإذا به بعيد جداً ويقع في طرف المدينة، فاعتذرت له عن الذهاب إلى هناك، ومع ذلك لم ييأس أيضاً، فاقترح عليّ أن يأتيني هو بتلك السجاجيد إلى منزلي واختار منها ما أشاء، وافقت على اقتراحه وأعطيته عنواني، وبعد المغرب تماماً، وإذا به يأتي بشاحنته الصغيرة محملاً بما لا يقل عن عشر من السجاجيد، وأخذ يفردها في صالوني الواحدة تلو الأخرى.

وبينما كنت منهمكاً بالتأمل والمقارنة، وإذا بقطتي العزيزة تعبر ما بين أقدامنا، وتتجه إلى واحدة من تلك السجاجيد ثم تستلقي عليها بكل (أرستقراطية)، وكلما أبعدتها عنها، اراها بعد لحظات مستلقية عليها، وكأنها تقول لي لا شعورياً: أريد هذه السجادة. وبما أنني لا أردّ مطلباً لقطتي، فقد رضخت لرغبتها واشتريت تلك السجادة التي ما زالت تزين صالوني، وكلما زارني أحد فإن أول ما يلفت نظره هو تلك السجادة التي يشيد بجمالها.

ومكافأة مني لحسن ذوق قطتي قررت أن أقدم لها بهذه المناسبة هدية، وفعلاً اشتريت لها طوقاً من الماس (الفالصو)، وما زال يزيّن عنقها الذي يشبه عنق (اودري هيبيرون) عندما كانت بعزّها.

* * *

بالأمس قررت، مرغماً لا مختاراً، دعوة اثنين من الأصدقاء، لتناول العشاء على حسابي في أحد المطاعم الذي سبق لي وأن سمعت عن طيب أكله.

فاتصلت بالتليفون لكي احجز، وأخذ يكلمني المسؤول، فسألته سؤالاً عادياً عن طبيعة الأسعار، فما كان منه إلاّ أن يجيبني (بنرفزة): ما دمت تسأل عن ثمن الطعام، فثق تماماً أنك لا تستطيع أن تتحمله، (فمد رجليك على قدّ لحافك)، ولا تتصل مرّة أخرى، فاهم؟!.

ثم أغلق السماعة بوجهي!.

[email protected]