رجال الرئيس

TT

في كل مرة يتم فيها شنق أحد قادة النظام العراقي السابق، يتبرع أحد المسؤولين العراقيين الحاليين بالقول إن المحكوم كان يرتجف من الخوف.. قالوا ذلك عن صدام حسين، وقالوا نفس الكلام عن برزان التكريتي وعواد البندر، وهم يكررون نفس الكلام اليوم عن طه ياسين رمضان، فلقد صرح بسام الحسيني، مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عقب إعدام رمضان بأن «علامات الخوف ظهرت على رمضان» في لحظاته الأخيرة..

أعتقد أن ما يقوم به بسام الحسيني، مستشار رئيس الوزراء، وما قام به من قبل موفق الربيعي، مستشار الأمن الوطني العراقي، من محاولة لإظهار هذه الشخصيات بمظهر الخوف والهلع محاولة غير مجدية، ولا تصب في مصلحة المسؤولين العراقيين الحاليين، الذين يفترض أن ينظروا إلى أوامر الإعدام من منظور قانوني بحت.. فإن يتملك المحكوم بالإعدام الخوف في مثل تلك اللحظة النفسية الحاسمة، لحظة العبور من الحياة إلى الموت أمر طبيعي جدا، فالاستثناء عدم الخوف..

ومع هذا فإن النظر إلى هؤلاء: صدام، برزان، رمضان وعواد البندر، الذين عاشوا لعبة الحياة والموت على مدى عقود، واتسمت شخصياتهم بالمخاطرة والمغامرة، يجعلني أشك في أن يتملك أحدهم الفزع في مثل تلك اللحظات، فكل واحد من هؤلاء تخيل، بكل تأكيد، مثل هذا المصير أكثر من مرة.. فطه ياسين رمضان، الذي عرف بشخصيته المغامرة إلى درجة التهور، والذي عاش بمحاذاة الموت أكثر من 30 عاما، منذ أن شارك في انقلاب 1968، وصاحب الآراء الغريبة إلى حد اقتراح مبارزة شخصية بين صدام وبوش بالسلاح على رؤوس الأشهاد، أن لا تمر بذهنه في وقت سابق فكرة أن يكون مشروع جثة تتدلى من حبل مشنقة، ومثله برزان والبندر وعلي «الكيمياوي»، وغيرهم من أركان النظام السابق، الذين أخال جلهم قد تصور مثل هذه الخاتمة، فمضوا في تحدياتهم إلى أقصى تخوم المواجهة، رغم إدراكهم لحجم الفارق بين القوتين، وما ستؤول إليه مصائرهم الشخصية.

ومن أجمل ما يمكن أن يستحضر في هذا الشأن توصيف مسؤول سابق في أحد الأنظمة الدموية، سايكولوجية الانخراط في لعبة القاتل والمقتول، وثمن الاعتزال، إذ قال: «إن الإزعاج يأتيك فقط من القتيل الأول، فالجثة الأولى مقلقة ومربكة، بعدها عليك أن تقرر إما الخروج من اللعبة أو الاستمرار فيها.. والخروج يعني التقاعد والظل، والاستمرار يعني الحضور والمخاطرة بأن تكون أنت أيضا مشروع جثة».. وهذا تماما ما انطبق على نظام صدام.

[email protected]