لتغطية أفضل للعراق.. قل الحقيقة!

TT

أربع سنوات مرّت على حرب العراق..

مرة أخرى، إنها مناسبة للمراجعة ومحاولة فهم ما يبدو أن الجميع أقر بالعجز عن تفسيره، فالعنف ما زال منفلتا من عقاله، ومداه بلغ حدوداً تستدعي قدراً لم يعد متوافراً من العقلانية والتفكر.

قال جنرال أميركي إن انتحاريين تعمدوا الأسبوع الماضي تفخيخ سيارة تقل أطفالا لتضليل العناصر الأمنية، التي تتمركز على حواجز التفتيش...

مجرد طرح الفكرة أمر يثير الرعب..

تلقف الإعلام الغربي المعلومة بسرعة وأظهرها على نحو بارز..

عربياً، ساد بعض التشكيك في صدقية الرواية، دلّ على ذلك الاستخفاف في التعامل مع المعلومة، التي تستدعي التوقف بجدية بالغة حيالها.

أقول تشكيكاً كي لا أقول استخفافاً، وهو أمر يرهب ربما أكثر من الأمر نفسه إذا ثبت حدوثه.

المذهل حقاً هو أن شيئاً لم يعد يخيف أحداً حيال الأحداث المتواترة من العراق، ولم تعد أخبار العراق تتصدر الاهتمامات، إلا من زوايا الأحلاف السياسية والطائفية المستجدة.

في الولايات المتحدة، التي انخرط التيار الغالب من إعلامها في حملة الترويج للحرب على العراق في عام 2003، تنشط اليوم محاولات تقوم بها منظمات وهيئات مستقلة، تحاول الضغط على وسائل الإعلام الكبرى وعلى الصحف الأبرز، كي يتم تناول أحداث العراق بشكل أفضل وأعمق وأكثر توازناً، مما كان عليه قبيل الحرب وبعدها.

الحملة الأميركية تحمل شعار «قل الحقيقة!»، وهي تنطلق من مراجعة دقيقة موثقة لأداء الإعلام الأميركي قبيل وخلال الحرب على العراق وبعدها.

وثقت الحملة أبرز ما قاله صحافيو ومعلقو كبريات المؤسسات الإعلامية الأميركية وكيف تمّ الترويج لما زعمت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بأنه مبررات للحرب، ثبت لاحقاً خطأها. كما تم توثيق آلية تعامل وسائل الإعلام مع حقيقة ما يجري في العراق لجهة إغفال معطيات أساسية أبرزها حجم الضحايا في صفوف العراقيين.

لا شك في أن التيار الغالب في الإعلام الأميركي بحاجة لمراجعة نفسه حيال دوره في حرب العراق، خصوصاً أن تكتيكا مماثلا يعتمد اليوم في التعامل مع الملف الإيراني.

لكن المراجعة هذه يحتاجها وبإلحاح أكبر الإعلام العربي، الذي عجز عن تصوير واقع مأساة العراقيين الطويلة والمريرة، خلال حقبة نظام صدام حسين، وفشل في تصوير حقيقة الحرب، التي تم الترويج خلالها لهزيمة أميركية في العراق، ثبت لاحقاً كذبها. والأفظع فشل الإعلام العربي في مواكبة حقيقة المعاناة العراقية الحالية، إلا من زوايا الاستعار الطائفي للأحداث.

المحاسبة والمراجعة معان ومفاهيم لا تزال غير مدرجة في قواميسنا.

استخدام أطفال في عمليات الانتحاريين ليس خبراً بارزاً، لكن أن يرتعش الأمين العام للأمم المتحدة من دوي انفجار استهدف المنطقة الخضراء، خلال مؤتمر يبث مباشرة من بغداد، فحدث يستحق التكرار والإبراز بشكل مبالغ فيه.

مؤسسات إخبارية عربية كبرى أعادت علينا مشاهد هلع بان كي مون من الانفجار في لحظاته الأولى بشكل ممجوج..

هذه المؤسسات نسيت وهي تستعيد كيف كانت ردة فعل بان كي مون, أن تعلمنا من سقط ضحية الانفجار المدوي ذاك..!

diana@ asharqalawsat.com