الحمد لله.. قدّر ولطف

TT

في إحدى المناسبات قدم أحد الرجال زوجته الحائزة شهادة الدكتوراه في الفلسفة إلى الأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا. وقال: إنها تفوقني أهمية بكثير، فرد عليه الأمير قائلاً: ان لدينا نفس المشكلة في أسرتنا.

ومعروف أن زوج الملكة ليس له أي وظيفة دستورية، اللهم إلاّ أن يجعل الملكة (تحبل وتلد)، ويكون هو أب للوارث للعرش، وفيما عدا ذلك لا يعهد له بأية مسؤوليات رسمية، ومن ضمن التعليمات الصارمة الموجهة له، والتي حفظها هو عن ظهر قلب، والتي يطبقها بحذافيرها: لا تتدخل في شؤون الدولة أو أي شيء يثير الجدل، لا تحاول التأثير على آراء الملكة، لا تتحرك من مؤخرة الصورة، لا ترتفع فوق مركزك كتابع مطيع.

وأكثر ما يفخر به الأمير فيليب هو الوسام الذي منحته إياه زوجته الملكة، وهو وسام (ربطة الساق) من درجة فارس.

غير انه بما يملك من نشاط وخبرة، استطاع أن يرأس 45 منظمة لا علاقة للدولة بها، ومنها مثلاً: مجلس التصميمات الصناعي، وبلغ من حماسته انه يجرب بنفسه أحدث المنتجات والاختراعات، وكاد في إحدى المرات أن يدفع حياته ثمناً لتهوره، وذلك عندما ارتدى سترة مفصلة من قماش لا تؤثر فيه النيران، وطلب منهم أن يشعلوا النار فيه، وفعلاً أضرموا النار في السترة، ويبدو أن الاختراع ليس ناجحاً بما فيه الكفاية، وعندما أحس هو بحرارة النار، اخذ يصيح ويركض إلى أن لحقوا به وطرحوه أرضاً واطفأوا النار ونزعوا السترة، ومن حسن حظه أن وجهه والمناطق الحساسة من جسده لم تصل إليها النار، وكل ما هنالك كان عدّة لسعات وحرقات في مؤخرته، تطلب علاجها عدة أيام قضاها في المستشفى منبطحاً على بطنه، ويدهنون مؤخرته بالكريمات المعالجة للحروق، واعتقد أن ما أقدم عليه ما هو إلاّ ضرب من الشجاعة، لا أستطيع أن افعله أنا حتى لو كنت زوجاً لأربع ملكات لا ملكة واحدة.

وهو أيضاً رئيس لرابطة الملاعب الأهلية، وقد اقترح ونفذوا إنشاء مجموعة من الملاعب في طول البلاد وعرضها، بحيث لا يبعد احدها عن الآخر بأكثر من 460 مترا، وذلك لكي يصبح هناك لكل 1000 ساكن ارض خلاء للنزهة، وقد نجحت حملاته لجمع التبرعات لهذا المجال، واستطاعوا أن ينجزوا ما لا يقل عن 3124 ملعب كرة قدم، و2700 ملعب كريكت، و3058 ملعب تنس، بالإضافة إلى أعداد هائلة من ملاعب الجمباز والتمرينات البدنية والمسابح.

وبما انه يرأس جمعية المحافظة على الحيوانات البرية، وله شغف بالغ في مراقبة الطيور المهاجرة، فقد فرض على الملكة ألا يدخل أي قط لقصر بكنغهام، لأن القطط أحياناً تأكل صغار الطيور، ويقال إن هذا هو الرأي الوحيد، والأول والأخير، الذي فرضه الأمير على الملكة، وكانت عينه تقدح شرراً، والغريب أن الملكة استسلمت له قائلة: سمعاً وطاعة. وفي ظني أن الأمير لا ينام مع الملكة في غرفة واحدة، وتأكد لي ذلك عندما تسلل احدهم في إحدى الليالي، ولم يرد غير غرفة نوم الملكة، وجلس على حافة سريرها، واستيقظت هي من نومها فزعة، ووضعت رداء على صدرها، وخاطبته بثقة وعقلانية ورباطة جأش، واعتذر لها وانصرف.

ولم يعرف الأمير الذي كان يغط في سبات عميق في غرفة أخرى، لم يعرف عن تلك الحادثة إلاّ في اليوم الثاني، عندما قالوا له: (صح النوم)، ولكن الحمد لله مر الموضوع بسلام، (وقدر ولطف).