«منع كتب ابن باز وابن عثيمين» قميص عثمان!

TT

تزداد هذه الأيام درجة سخونة الصيف الكويتي، وتزداد معها باطراد درجة سخونة الساحة السياسية، خاصة بعد أن أخرج التيار السلفي الكويتي في مجلس الأمة، طرف سكين الاستجواب ضد وزير الأوقاف الكويتي الدكتور عبد الله المعتوق، وكانت أكثر المآخذ حساسية اتهام وزارة الأوقاف بمنع عدد من مؤلفات الشيخين الجليلين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى من البيع، في معرض للكتب أقيم هناك مؤخرا، طبعا لدى النواب السلفيين قائمة من التهم والتجاوزات، لكن يظل منع كتب الشيخين القشة التي يريد المستجوبون أن يقصموا بها ظهر الوزير المعتوق. وزارة الأوقاف ذكرت أن قرار الفسح والمنع يصدر من وزارة الإعلام، وهو ما أكدته وزارة الإعلام، والأخيرة اعتذرت عن المنع وفسحت الكتب الممنوعة، ثم إن عدد الكتب التي فسحت لهذين العلامتين أكثر من 150 كتابا، ولم يتحفظ إلا على أربعة كتب، ومع ذلك فالعاصفة السلفية مستمرة، والهدف اقتلاع شجرة الوزير المعتوق.

في تصوري أن مبدأ منع كتب هذين الشيخين في الكويت كان خطأ ليس لقدرهما فحسب، وتقدير الشعب الكويتي لهما خاصة ابن باز، ولكن لأن الفتاوى التي تحفظ عليها المانعون لكتب هذين الشيخين تظل آراء قابلة للأخذ والرد مثل فتوى الشيخ بن باز رحمه الله، بأن تارك الصلاة كافر لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وكانت الحجة أن فسح كتب تحتوي على مثل هذه الفتاوى، قد تحدث بلبلة وشرخا في بنية المجتمع، ولم يفطن الذين اجتهدوا فمنعوا أن هذا الرأي قديم قدم الفقه الإسلامي، وإلا كان من لازمه شطب عدد كبير من قائمة مبيعات الكتب لأئمة كبار مثل ابن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم.

منع عدد محدود من كتب الشيخين خطأ فني بحت جرى تصحيحه أو بعبارة أدق هو اجتهاد بشري كل الدلائل تشير إلى حسن النوايا في اتخاذه، وفي كل الأحوال فقد تراجعوا عنه، المشكل هنا هو في تضخيم الخطأ وتصويره أحيانا بأن فيه عداوة للشيخين أو مناكفة لمنهجهما، وهذا غير دقيق. أقصد أنه من الممكن أن نتفهم حيثيات القرار حتى ولو اختلفنا معها ونضع قرار المنع في إطاره من دون مبالغة ولا تهويل ولا اتهام للناس بعداوة شيخين علامتين، يكن لهما الشعب الكويتي الود والتقدير، ويظل الخطأ الأكبر في تقديري هو في حشر هذا الموضوع في تصفية الحسابات السياسية.

وبما أننا بصدد الحديث عن منع بيع الكتب، فأنا أذكر أن كويتب هذه السطور، قد منع وهو مدير للمركز الإسلامي في لندن، كتيبا صغيرا في العقيدة للعلامة بن عثيمين رحمه الله من أن يباع أو يوزع على الجالية الإسلامية في بريطانيا، لأن الكتاب أشار إلى أن من عقيدة المسلم أن من شهد الشهادتين ثم ارتد عن الإسلام، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقد كتبت إلي إحدى الدوائر البريطانية المعنية رسالة لبقة تسائلني، إن كان هذا القتل يمكن أن ينفذه المسلمون على الساحة البريطانية، فأدركت أن هذا الموضوع بالغ التعقيد من أن تفهم العقلية الغربية تفاصيله وحيثياته ومكان وطرق تنفيذه واختلاف دار الإسلام عن دار العهد، بل مخالفة بعض المدارس الفقهية لمبدأ القتل أصلا، فأمرت بمنع الكتاب أخذا بالقاعدة الإسلامية «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة»، و«حدثوا الناس بما يعقلون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟»

«منع كتب الشيخين» والذي رفعه التيار السلفي على أسنة الرماح في المعركة السياسية الكويتية، مناكفة سياسية سيخسر بسببها تيار الدعوة الكويتي بكل أطيافه، وسيعطي نتائج عكسية ضد ما يريده السلفيون هناك، حتى ولو طوحوا برأس الوزير المعتوق.

[email protected]