اللعنة .... والبداية

TT

وصلتنى الرسالة التالية:

«شكراً دكتور حواس لقد أمتعتنا بأول مقال في جريدة الشرق الأوسط. أنا لا اعتقد أن هناك لعنة للفراعنة بل إن الفراعنة تركوا لنا علماً وثقافة وحضارة عريقة وكنوزاً لا تقدر بمال، تعطي الخير لأحفادها من الرزق، من العمالة في صناعة السياحة وصيانة الآثار والعمل في الاكتشافات. بل امتد الخير إلى الدول الأخرى، تلك التي في حوزتها المتاحف الكبيرة المخصصة للآثار الفرعونية وامتد أيضاً إلى الجامعات حول العالم التي تدرس الإجبتولوجي (علم المصريات). فهل بعد كل ذلك يقال إن هناك لعنة الفراعنة؟ إنها مجرد حوادث طارئة.. منير وهبى استراليا...

ويعلق أيضاً على نفس الموضوع د. مجدي أبو السعود من المنصورة ـ مصر «هل نفهم من ذلك مصداقية ما يثار عن لعنة الفراعنة؟ وما تفسيرك لها»...

من المعروف أن موضوع لعنة الفراعنة انتشر بين الناس بعد كشف مقبرة «توت عنخ آمون»، خاصة بعد أن منح اللورد كارنافون حق النشر الصحفي عن الكشف الكبير للمقبرة لجريدة الـ London Times ، الأمر الذي دفع الكثير من الصحفيين إلى الكتابة في ذلك الوقت عن موضوع لعنة الفراعنة.. وقد اخترعت هذه الكلمة عام 1827 عندما كتبت الصحفية الإنجليزية «جين» قصة عن المومياء. كما أصدرت كاتبة صغيرة تسمى لويزا ماي ألكوت عام 1869 روايتها التي عرفت باسم «الهرم المفقود» أو «لعنة المومياوات» وفي هذه القصة يستخدم البطل قطعة من جسد أحد الكهنة كمشعل تنير له الطريق داخل الهرم، ووجد بالداخل صندوقاً ذهبياً به ثلاث حبوب لها شكل غريب وعاد بالصندوق إلى أمريكا وقامت خطيبته بزرع تلك الحبوب وارتدت زهور تلك النباتات فى حفلة زفافها وعندما استنشقت رائحتها غابت عن الوعى ولم تفق.

وفي نهاية شهر فبراير عام 1923، لدغت اللورد كارنافون بعوضة أثناء حلاقته لذقنه، وأصابه تسمم دموى ومات اللورد في 5 أبريل 1923 أي بعد كشف المقبرة بخمسة شهور.

وفي ذلك الوقت الذي كان فيه اللورد كارنافون يرقد مريضاً في غرفته بفندق شبرد بالقاهرة انتشرت قصة اللعنة بواسطة الصحفية ماريا كوريللي، حيث ادعت أنها تمتلك كتاباً عربياً نادراً عن التاريخ المصري للأهرامات، وادعت أن موت كارنافون لا يمكن أن يكون سببه البعوضة فقط، فمن المؤكد وعلى حد قولها أن هناك سبباً آخر..

وقامت الصحف بترجمة خاطئة للنصوص الموجودة بالمقبرة ومنها ما هو موجود على المقصورة الذهبية التي وضع بها الأواني الكانوبية للملك الذهبي توت عنخ آمون وترجم النص كالآتي: هؤلاء الذين سيدخلون المقبرة المقدسة... سوف تزورهم أجنحة الموت سريعاً.

كما ترجم خطأ أيضاً النص الموجود على مقدمة تمثال أنوبيس والذي تم العثور عليه بمدخل حجرة الكنز بالمقبرة: «سوف أقتل كل من يعبرون هذه العتبة إلى المنطقة الملكية المقدسة..»

ومن ضمن الأحداث الأخرى التي وقعت بعد كشف مقبرة الملك توت عنخ آمون مباشرة وجعلت الكثير من الناس يعتقدون في وجود ما يسمى لعنة الفراعنة، هي وفاة العديد ممن تعلقت أسماؤهم بالكشف عن المقبرة، منهم مساعدة لكارتر كانت تعمل معه في الكشف عن المقبرة، وكذلك وفاة أثري فرنسي كان يعمل مع كارتر بالمقبرة، بالإضافة إلى وفاة خبير الأشعة وهو في طريقة إلى مصر والذي أراد كارتر استقدامه لعمل أشعة إكس على مومياء الملك توت عنخ آمون.

هذه هي الأسباب التي جعلت العامة يعتقدون في لعنة الفراعنة ونسبوا القصص والأقاويل للفراعنة. أما حقيقة اللعنة فهذا هو موضوعنا القادم.