أكثر من مجرد كورة!

TT

سنبتعد اليوم عن السياسة ومشاكلها. الأندية الرياضية في الكثير من دول العالم، ليست مجرد لاعبين وملاعب، بل تحولت الى مؤسسات مهمة لمجتمعها، تساهم بقوة في تنمية أوطانها. فريال مدريد في اسبانيا أو أياكس الهولندي أو مانشستر يونايتد الانكليزي أو بايرن ميونيخ الالماني أو أي سي ميلان الإيطالي، ليسوا مجرد أندية، ولكنها مراكز قوى شديدة التأثير.

وعربيا يوجد ناد له نفس الثقل والأهمية، وهو النادي الأهلي بمصر، هذا النادي الذي يحتفل بمرور مائة عام على تأسيسه هذه الأيام, والذي كان شاهدا على العديد من الحراك الثقافي والسياسي والفني والاقتصادي المؤثر والفعال. وكان للنادي أثره عربيا أيضا فثبتت الكثير من الدول مسمى النادي، وأطلقته على العديد من أنديتها مثل: السعودية والبحرين وليبيا والإمارات والسودان وقطر. وقد تم توثيق تاريخ النادي الأهلي مؤخرا في مجموعة وثائقية تعرض على بعض الفضائيات، ومتوفرة على اقراص السي دي المدمجة، قامت بإنتاجها دينا أبو زيد بشكل حرفي وناجح.

والتوثيق لا يزال مجالا حديثا نوعا ما في العالم العربي، ولعل الأحداث السياسية هي التي كانت تنال الاهتمام الاكبر في هذا السياق من دون غيرها، ولكن الآن وفي عمل كهذا يتم سرد أحداث بلد ومنطقة من خلال تاريخ ناد بأسلوب مشوق ومؤثر، وواقع الأمر أن كرة القدم لم تعد مجرد رياضة، ولكنها صناعة متكاملة وشديدة الأهمية، فالكاتب فرانكلين فوير يقدم رؤية مثيرة لهذه المسألة في كتابه المعروف «كرة القدم تشرح العالم» كيف أن حركة العولمة ممكن فهمها من خلال متابعة تطور كرة القدم نفسها ومعرفة المداخيل المتنامية للاندية، من خلال انتشارها خارج حدودها التقليدية. وكيف أن أندية مثل مانشستر يونايتد وتشلسي وليفربول وريال مدريد وأي سي ميلان وبرشلونة لم تعد أندية عادية، ولكنها اصبحت «سوبر» أندية اشبه بالشركات المتعددة الجنسية، لها مداخيل وإيرادات من خارج نشاطها الاساسي، ومن خارج الاندية الاصلية، فالدوري الانجليزي الممتاز وحده مدخوله السنوي يقارب البليونين ونصف البليون دولار لعشرين ناديا فقط، وهو أعلى من مدخول الدوري الايطالي (1.7 بليون دولار) والدوري الالماني (1.6 بليون دولار) والدوري الاسباني (1.3 بليون دولار) والدوري الفرنسي (800 مليون دولار).

دخول العنصر الإعلامي للاستفادة من شعبية كرة القدم وجماهيريتها العالمية، ضاعف من مداخيل الأندية واتحادات كرة القدم في بلادها وولد العديد من الخدمات المساندة والمنتجات المؤيدة، وأصبحت هذه الايرادات تقارب ايراد المباريات نفسها. مع ذلك تبقى كرة القدم العربية حتى الآن محل شد وجذب بين أطراف متفاوتة وضحية تشريعات غير متطابقة مع متطلبات العصر وضروريات الصناعة، مما أدى الى ضياع واضح للعوائد الممكنة سواء أكانت مادية أم تنموية.

[email protected]