هل تريد أن تكون عقربا أم ضفدعة؟!

TT

قرأت أن هناك عقرباً أراد أن يجتاز النهر، وحيث انه لا يستطيع السباحة، فقد طلب من ضفدعة أن تحمله على ظهرها وتوصله إلى الضفة الأخرى.

فردت عليه الضفدعة قائلة: اتظنني بلهاء إلى هذا الحد؟! انك سوف تلدغني في منتصف الطريق، أجابها: كيف أفعل ذلك؟! إنني لو فعلت ذلك سوف نغرق كلانا معاً، فاقتنعت الضفدعة وأركبته على ظهرها.

وما أن وصلت إلى منتصف الطريق حتى لدغها العقرب، فذكرته بوعده قائلة له: ها نحن نغرق معاً، هل هذا يرضيك؟! أجابها: كلا، ولكن هذه هي طبيعتي، ولا أستطيع إلاّ أن الدغ.

فهل هذه القصة الخيالية تأكيد لمقولة: (إن الطبع يغلب التطبع)؟!، إلى حد كبير هذا صحيح، فبعض الناس أسوأ من العقرب، فهو لا يلدغ فقط، ولكنه يقتل بدم بارد مع سبق الإصرار والترصد، بل وبكثير من التلذذ بدم الضحايا الساخن، وقد يتشفى بإزهاق أرواحهم، أو قطع أرزاقهم، أو دفعهم إلى هاوية اليأس والعذاب.

كما أن بعض الناس أغبى من الضفدعة، فهو لا يلدغ من جحر عقرب مرتين أو ثلاثا أو أربعا فقط، ولكنه يستمر في تقديم جسده وعنقه ومصيره إلى أن تنتهي حياته، وبعدها يكون قد تعلم درساً واحداً خالداً في مدرسة الموت، التي تمنحه شهادة التفوق في الغباء والانبطاح والخنوع.

ما أكثر الناس الذين وثقوا بالآخرين وسلموهم مقادير حياتهم، فلما قضى هؤلاء أوطارهم منهم، رفسوهم على مؤخراتهم (بالشلاليت).

ما أكثر من صنعوا المعروف وعدموا من (الجوازي).

ولكي لا يفهمني احد غلطاً، فأنا لا أدعو إلى قفل باب المعروف، ولكنني أدعو فقط إلى عدم قفل باب العقل والفطنة والحذر، ودراسة الأمور بقدر الامكان.

فليس هناك أكثر إيلاماً ممن يقف على باب محكمة أو محام لكي يطالب بحقه، ولا يسمع غير تلك الجملة الجارحة الصارخة التي تقول: (إن القانون لا يحمي المغفلين)، ورغم حزني على ذلك الشخص المسكين، فإنني أتساءل وأرد على من يقول تلك الكلمة المؤلمة: لنفرض أننا سلمنا جدلاً بذلك، فهل يا ترى أن ذلك القانون يحمي أو (يصهين)، أو لا يتعب نفسه في ملاحقة أذكياء البلطجية، واللصوص والمزورين والمتمسحين بالصلاح والتقوى؟!

إنني ارفض وأشجب وأشد على ما بقيٍ من شعر رأسي وأقول: يا مغفلي العالم اصحوا.

[email protected]