.. ولكن الإوز لا تسمع!

TT

شركة فوكس دعتني لمشاهدة اللقطات الأخيرة من فيلم «دكتور دولتيل» في قرية بريطانية جميلة اسمها «كاسل كوم». ذهبت. والبطل هو ركس هاريسون. أما المشهد فهو أنه وقف على جزيرة صغيرة يتحدث إلى الإوز. ولكن الإوز لا تكاد تسمعه حتى يدير رأسه إلى الناحية الأخرى فتتجه الرؤوس إلى الناحية الأخرى. هذا المشهد يستغرق دقيقة ونصفاً على الشاشة. وظلوا ثلاثة أيام يحاولون إقناع الإوز أن تستمع إلى ما يقال. ولم يفلحوا. فأتوا بأحد علماء الطيور. واكتشف العالم أن الإوز لها طريقة خاصة في السماع. وإنها تكاد لا تسمع وإنما تتجه حيث تجد حركة هنا أو هناك. وقد ربطوا أرجل الإوز بأسلاك لا يراها المشاهد. فإذا سمعت الإوز كلاماً شدوا الأسلاك فتنظر الإوز إلى الناحية الأخرى.

الفيلم قصته من تأليف الكاتب الإنجليزي هيو لوفتنج كتبها على هيئة رسائل من خنادق الحرب العالمية الأولى. وهي حكاية طبيب أولع بحياة الحيوان ولغة الحيوان. وأقنعته الحيوانات أن يكون بيطرياً. ولم يعد أحد يذهب إليه كطبيب بشري. وهاجر ومعه بعض هذه الحيوانات إلى أفريقيا لعلاج الحيوانات المريضة.

فهل بهرني هذا الفيلم فاتجهت أنا أيضاً إلى عالم الحيوان ـ عندي أكثر من مائة شريط فيديو لعالم الحيوان البريطاني اتنبرو والباحث الكبير دزموند موريس ـ أم أن لهذه الهواية بداية مع طفولتي عندما كان والدي يربي الديوك ويحملها على صدره لتدخل في معارك دموية مع ديوك أخرى، وكيف كان والدي وأصدقاؤه يحرصون على هذه المعارك؟ وكانت دهشتي لا تنتهي كيف أن شاعراً صوفياً رقيقاً مثل والدي له هذه الهواية الدموية التي حرمها القانون؟

ثم رأيت فيلم د. دولتيل ولم أجد مشهد الإوز ـ والمعنى أنهم لم يفلحوا في إقناع الإوز بأن تستمع إلى كلام البطل والمخرج!