«فتح» لكل مواطن!

TT

منظمة التحرير الفلسطينية كيان أسس وأقيم لأجل غاية عظيمة، وهي تحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الاسرائيلي. وهو هدف نبيل وسام، وغاية عظيمة لا يختلف عليها أحد، ولكن مع مرور الأيام بدأت المنظمة تأكل بعضها من الداخل بحجة اختلاف الآراء والتوجهات.

حتى أبو عمار الرجل الرمز الذي كان شعارا للثورة الفلسطينية نفسها، تمرد عليه رفاقه وانشق من انشق منهم، فمعروف انشقاق جورج حبش وتأسيسه للجبهة الشعبية، ونايف حواتمه الذي أسس الجبهة الديمقراطية، وبعدها قام أبو نضال بتأسيس فتح/ المجلس الثوري، وبعدها قام أبو موسى بتأسيس «فتح الانتفاضة»، وقام أفراد آخرون بتأسيس «فتح الثورة»، وها هم الآن يعلنون في غزة عن اطلاق تنظيم جديد اسمه «فتح ـ الياسر»، وقد قامت عناصر من داخل حركة حماس المسيطرة على غزة بالمساهمة المباشرة في اطلاق هذا الكيان الأخير، لإضعاف السلطة الفلسطينية الممثلة لفتح.

وقامت حماس بعمل ذلك، بعد سويعات من المساهمة بإطلاق سراح الأسير البريطاني ألن جونستون مراسل «بي.بي.سي» الذي اختطفه مجموعة ارهابية، وهي المناسبة التي كانت أشبه بكرنفال ومهرجان هستيري، كان الغرض منه أن تحسن حماس من صورتها أمام العالم، فانتهي الأمر الى اظهار مشهد هزلي بائس وحزين، يتم فيه الثناء على الخاطفين وشكرهم!!

ما لا تدركه حماس أن الدور القادم عليها هي الأخرى وتفتيتها قادم بأيدي من يدعمها اليوم، لتظهر كوجه موحد وجسد ثابت. فحماس ليست مختلفة عن فتح أو عن أمل في جنوب لبنان وغيرها من الحركات والمنظمات «المؤقتة».

هناك أضرار بالغة وشديدة الخطورة لا يزال تقييمها جاريا بسبب الانقلاب الذي قامت بتنفيذه حركة حماس، فهي أوجدت واقعا جديدا على الارض الفلسطينية، وأعادت تفسير معنى المقاومة ورؤية الدولة الفلسطينية المستقبلية. ولكن حماس هي فيروس مضخم من المشكلة الفلسطينية نفسها، فحركة المقاومة شاخت وهرمت ونخر فيها الفساد وبقوة، وباتت بحاجة لمراجعة جادة ومباشرة لمسيرتها ومعرفة اتجاهاتها المستقبلية.

شهية حماس وفتح لا تزال مفتوحة لتدمير الآخر بكل ضراوة، ولكنهما واقعيا تقضيان على نفسيهما وتخسران أي دعم أو احترام أو تقدير باق لهما. سنستمر نرى الانشقاقات الفتحاوية المصـطنعة استخـباراتيا، ولكن على الجميع انتظار الانقسام القادم داخل تيارات حماس المتباينة والموجودة اليوم.

[email protected]