حرب السلام ؟

TT

عندما نشبت حرب أكتوبر عام 1973 الموافق العاشر من رمضان، بهجمة مباغتة من القوات المصرية والسورية، وصف الكثيرون ما قام به الرئيس المصري الراحل أنور السادات وقتها بأنه حرب التحريك وليس حرب التحرير، بمعنى أنها حرب تحريك للمواقع السياسية بين العرب وإسرائيل للتفاهم حول حلول نهائية، كان من نتاجها لاحقا انسحاب إسرائيلي كامل من أراضي مصر المحتلة واتفاق سلام بينهما ينظم العلاقات بشكل واضح.

ومع تزايد الحديث عن قرب قيام حرب «صيفية» بين إسرائيل وسورية، وتحديدا اعتداء من اسرائيل على الأراضي السورية، ينطلق السؤال المفترض لماذا؟ وماذا بعد؟ إسرائيل أخرجت من وزارة الدفاع وزيرها السابق المنكسر الذي فضحته جاهزيته المحدودة في مواجهة الصيف الماضي أمام حزب الله اللبناني، ويأتي على رأس الوزارة رئيس حزب العمل الجنرال المحترف إيهود باراك الذي يرغب في إعادة ماء الوجه للقوة العسكرية الإسرائيلية وقناعته الشخصية بأن هذا الأمر لن يتم إلا بضرب اسرائيل لسورية (وهي الداعمة الأكبر لحزب الله).

وقد انطلقت منذ أسابيع مناورات عسكرية غير مسبوقة من قبل إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة، وهي المنطقة التي ظلت هادئة وبدون مقاومة تذكر طوال عقود الاحتلال الاسرائيلي الطويلة لها. وهناك بالونات اختبار تنطلق صوب سورية بطرق رسمية كاستعداد ايهود أولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي، لمقابلة الرئيس السوري والتباحث معه عن السلام «في أي وقت وأي مكان» وإرسال رجل أعمال سوري/أمريكي مقرب من أسرة الأسد للحديث مع الكنيست عن فكرة السلام مع سورية، كل هذه أوراق ضغط لقبول فكرة الحل والسلام والتطبيع مع اسرائيل، هذا مع عدم إغفال أن إسرائيل دولة مارقة بامتياز، خرقت كل الأعراف والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي طالبتها بالانسحاب، وتمارس أعمالا تشبه النازية في تطرفها ضد الفلسطينيين، إلا أن هذا الأمر يجب ألا ينسينا أن إسرائيل كانت ولا تزال ذريعة سخيفة لأنظمة دكتاتورية مستبدة أنفقت البلايين من الدولارات على تجييش البلاد وأهلها وخطابها لمعارك لم تتم وتحرير لم يحصل وكان نتاجها تخلفا اقتصاديا وإذلالا اجتماعيا وعبودية سياسية بامتياز، مع اهتراء كامل للبنى التحية والأحلام والطموحات المستقبلية.

إسرائيل ترغب في تنفيذ ضربة موجهة لسورية من خلال هضبة الجولان (ذات الرمزية والدلالة المهمة) فهي الأرض التي يطالب بها السوريون بعد احتلال إسرائيل لها، ويكون ذلك فرصة لإعادة ترتيب وإغلاق العديد من الملفات التي ستشمل استعادة هضبة الجولان، وضع بحيرة طبرية ومياهها، استعادة رفات الجاسوس الاسرائيلي كوهين، مزارع شبعا، حزب الله، البقية الموجودة من اليهود السوريين وتسوية أوضاعهم الدينية.

حرب الصيف.. لو حدثت لن تكون مناورة أو مسرحية، وإنما يبدو أن هناك تسوية أوسع تعد العدة لها. انتظروا صيفا مختلفا لو حدث ذلك.

[email protected]