السعوديون في السجون السورية

TT

تتباين الآراء حول التعاملات السورية مع الزوار السعوديين، فثمة قلة تشكو ـ عبر منتديات الإنترنت ـ من المضايقة وسوء المعاملة، وغالبية تتحدث بإيجاب عن تجربتها السياحية المتكررة سنويا إلى دمشق، ولذا كنت سعيدا بزيارة وفد هيئة حقوق الإنسان السعودية إلى دمشق، وشغوفا لمعرفة ملاحظاتها، لكن ما صرح به الدكتور زهير الحارثي ـ المتحدث الرسمي للهيئة ـ حول الزيارة زاد المسألة غموضا، إذ يقول: «إن عدد السجناء في السجون السورية يقترب من الستين، نصفهم متهمون في قضايا جنائية والنصف الآخر متهمون بمحاولة التسلل إلى العراق أو لبنان»، وأنا أضع خطا تحت عبارة «يقترب من الستين»، ولست أدري ما الذي دفع بالصديق الحارثي إلى المرونة الرقمية، فاستخدم عبارة «يقترب من الستين»، وكان أولى بوفد اللجنة أن يكون أكثر دقة في تحديد عدد المساجين في السجون السورية، إلا إذا صعب على الوفد الحصول على المعلومة الدقيقة من السلطات السورية.. ويصف الدكتور الحارثي النصف غير المتهم في قضايا جنائية بأنهم: «صغار السن وقد غرر بهم ولا يفقهون شيئا وليس لديهم خلفية شرعية، وهم مجرد مشاريع تفخيخية ليتم استخدامهم في أمور إجرامية وأعمال التفخيخ، واتضح أن لهم ممولين وقد غادر هؤلاء منازلهم واتجهوا إلى الدول المجاورة للعراق، وتم توظيفهم من قبل جماعات ومنظمات»، ولما كان الدكتور الحارثي يشير إلى أن السلطات السورية لم تسمح لوفد هيئة حقوق الإنسان السعودية، إلا بزيارة المسجونين في قضايا جنائية، وأن النصف الآخر من المساجين لم يتمكن الوفد من زيارتهم، وأنهم حتى اللحظة يخضعون للتحقيق، وبالتالي أتساءل: كيف يمكن لهيئة حقوق الإنسان ـ التي لم تلتق بأولئك المساجين، ولا تعرف أماكن احتجازهم ـ إطلاق حكمها التعميمي بأنهم مشاريع تفخيخية؟! فقد لا تثبت التهمة على بعضهم بعد التحقيق.

كما استوقفني أيضا وصف الدكتور الحارثي لتعاون السلطات السورية مع الوفد ـ بحسب ما نشرته العربية نت ـ بأنها «تعاونت مع الوفد بصورة عامة»، ولست أدري ما المقصود بـ«الصورة العامة»؟ ففي هذه العبارة الكثير من أساليب الدبلوماسيين والقليل من لغة الحقوقيين الذين تنتمي إليهم الهيئة.

ومهما يكن الأمر، فإن للدكتور زهير الحارثي في دواخلي الكثير من الإعجاب والتقدير، ومثله لزملائه أعضاء الهيئة، فزيارة ذلك الوفد إلى سورية تندرج ضمن العمل الإيجابي الذي يعكس حرص الجميع على إجلاء الصورة، فسورية بلد شقيق تربطنا به الكثير من الروابط الأخوية الصادقة، التي نتمنى أن تظل على الدوام في منأى عن تقلبات المد والجزر.

[email protected]